حديث صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده

حديث : (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ،) ،

هذا الحديث أصل في صيام يوم عرفة لغير الحاج ، وبيان هذا الحديث من جهتين ، من جهة الرواية ومن جهة الدراية .

المبحث الأول : بيان الحديث من جهة الرواية .

لقد ورد هذا الحديث عن ثمانية من الصحابة وهم : أبو فتادة وقتادة بن النعمان وأبو سعيد وسهل بن سعد وابن عباس وابن عمر وزيد بن أرقم وعائشة ، وبيان ذلك في الآتي :

أولا : حدبث أبي قتادة اخرجه مسلم وغيره من طريق حماد بن زيد عن غيلان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ : رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : كَيْفَ تَصُومُ ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ، قَالَ : رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ؟ قَالَ : " لَا صَامَ، وَلَا أَفْطَرَ ". أَوْ قَالَ : " لَمْ يَصُمْ، وَلَمْ يُفْطِرْ ". قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ؟ قَالَ : " وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ ؟ ". قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ؟ قَالَ : " ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ". قَالَ : كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ ؟ قَالَ : " وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ".

أخرجه أحمد ومسلم واللفظ له وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .

وأخرجه أحمد ومسلم من طريق شُعْبَةُ ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بنفس الرواية السابقة عن حماد بن زيد عن غيلان ...به وزاد : قَالَ : وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ : " ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ ".

قال الإمام مسلم عقبه : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، قَالَ : وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؟ فَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِ الْخَمِيسِ لَمَّا نُرَاهُ وَهْمًا.

وعمدة مسلم في دعوى الوهم في رواية شعبة هو ما اخرجه من طريق حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الِاثْنَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَمِيسَ.

أقول : ولم ينفرد شعبة بذكر الخميس فقد تابعه مهدي بن ميمون الأزدي المعولي في رواية أبي داود من طريق مَهْدِي ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِي ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، زَادَ : قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ الْخَمِيسِ ؟ قَالَ : " فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ الْقُرْآنُ ".

إلا أنه في كلتا الروايتين لم يذكر حكم صوم الخميس في هاتين الروايتين .

أقول : ولكن ورد في يوم الاثنين والخميس انهما يومان ترفع فيهما الأعمال إلى رب العالمين فعند احمد من طريق أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْأَيَّامَ، يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالُ : لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ الْأَيَّامَ حَتَّى لَا يَكَادُ أَنْ يَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ، إِنْ كَانَا فِي صِيَامِهِ، وَإِلَّا صَامَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَصُومُ لَا تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ، وَتُفْطِرُ حَتَّى لَا تَكَادُ أَنْ تَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ، وَإِلَّا صُمْتَهُمَا. قَالَ : " أَيُّ يَوْمَيْنِ ؟ ". قَالَ : قُلْتُ : يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ. قَالَ : " ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ".

ونحوه عند ابي داود والنسائي عن أسامة .

وحديث أبي قتادةالراوي عنه عبد الله بن معبد وقال البخاري : إن عبد الله بن معبد لا يعرف له سماع من أبي قتادة .

أقول : وهو تقة ولم يتهمه احد بالتدليس فعنعنته محمولة على السماع ، وشرط البخاري ثبوت السماع ومسلم يكفي المعاصرة وكونه ثقة غير مدلس والخلاف في ذلك مشهور بين أهل الحديث .

وقد تتبعت روايات عبد الله بن معبد في الكتب التسعة ووجدت أنه ليس له إلا هذا الحديث وحديث آخر في سبب نزول آية عند مسلم من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ }، قَالَ : نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ، وَالْإِنْسُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَنَزَلَتْ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ }.

وعليه فليس له من الحديث النبوي إلا هذا الحديث ، وكان الأصل أن لا يقبل مثله فيما ينفرد به ، ولكنه لم ينفرد به فقد وردت له متابعة عند أحمد من طريق عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ إِيَاسٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ : مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً، وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً ".

وفي إسناده حرملة بن إياس أبو حرملة لم يوثقة إلا ابن حبان وقال الحافظ مقبول .

أقول : أي أنه مجهول ولكن الجهالة في التابعين مغتفرة فيقبل حديثه حيث يتابع ، وعلى كل حال الحديث يقبل في المتابعات .

ثانيا ؛ حديث قتادة بن ابنعمان .

وورد له شاهد لا يفرح به عند ابن ماجه من طريق يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : " مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غُفِرَ لَهُ سَنَةٌ أَمَامَهُ وَسَنَةٌ بَعْدَهُ ".

ولكن في اسناده اسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك ومثل هذا الطريق لا قيمة له في المتابعات والسواهد .

وعليه فالعمدة هي الرواية السابقة في المتابعات ولأجلها أخرجه مسلم ، وقال الترمذي عقبه : حديث حسن .

وتحسين الترمذي فقط يشير إلى وجود متابعات وشواهد وأشار إلى رواية لأبي سعيد .

ثالثا : حديث أبي سعيد .

وأخرج البزار عن ﺃﺑﻰ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻯ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﺑﻠﻔﻆ: " ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ , ﻏﻔﺮ ﻟﻪ ﺳﻨﺔ ﺃﻣﺎﻣﻪ , ﻭﺳﻨﺔ ﺧﻠﻔﻪ , ﻭﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭاء ﻏﻔﺮ ﻟﻪ ﺳﻨﺔ ".

وفي إسناده عمر بن صهبان متروك .

وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺯﻫﻴﺮ ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻘﻄﺎﻥ ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ اﻟﻔﻀﻞ ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ اﻟﺤﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﺃﺭﻃﺎﺓ، ﻋﻦ ﻋﻄﻴﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: «ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻛﻔﺎﺭﺓ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻭاﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﺔ» .

وسلمة والحجاج وعطية ضعفاء ولكن حديثهم يقبل في الشواهد والمتابعات .

نعم عطية العوفي يأتي غن أبي سعيد بمناكير .

رابعا : حديث سهل بن سعد .

وله شاهد آخر عن سهل بن سعد عند ابن أبي شيبة في المصنف من طريق ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻔﺺ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ، ﻋﻦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: «ﺻﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺳﻨﺘﻴﻦ» .

وذكر الحديث البوصيري في الاتحاف وقال : ﺭﻭاﻩ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻭﻋﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ اﻟﻤﻮﺻﻠﻲ ﺑﺴﻨﺪ اﻟﺼﺤﻴﺢ.

خامسا : حديث عائشة .

وكذلك عند ابن أبي شيبة من طريق ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﻳﺎﺩ، ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﺃﻥ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻗﺎﻟﺖ: «ﺇﻥ ﺻﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻧﺼﻒ ﺳﻨﺔ» ﻗﺎﻝ: ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ: ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ: «ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺳﻨﺔ» .

ويزيد بن أبي زياد فيه كلام ويقبل في المتابعات ، وكلام عائشة مما لا مجال للاجتهاد فيه .

ﻭأورد الهيثمي في مجمع الزوائد ثلاثة شواهد وهي :

سادسا : حديث ابن عباس .

ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: «ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺳﻨﺘﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡا ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮﻡ ﻓﻠﻪ ﺑﻜﻞ ﻳﻮﻡ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﻳﻮﻡا».

ﺭﻭاﻩ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻭﻓﻴﻪ اﻟﻬﻴﺜﻢ ﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﻋﻦ ﺳﻼﻡ اﻟﻄﻮﻳﻞ، ﻭﺳﻼﻡ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻬﻴﺜﻢ ﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﻓﻠﻢ ﺃﺭ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ; اﺗﻬﻤﻪ ﺑﺨﺒﺮ ﺭﻭاﻩ، ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻘﻪ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ.

سابعا : حديث ابن عمر .

- ﻭﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ ﻗﺎﻝ: «ﺳﺄﻝ ﺭﺟﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻌﺪﻟﻪ ﺑﺼﻮﻡ ﺳﻨﺘﻴﻦ».

ﻗﻠﺖ: ﻟﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﻳﻌﺪﻟﻪ ﺑﺼﻮﻡ ﺳﻨﺔ.

ﺭﻭاﻩ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﻭﺳﻂ، ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ.

ثامنا : حديث زيد بن ارقم .

- ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺭﻗﻢ، «ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻗﺎﻝ: " ﻳﻜﻔﺮ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭاﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ».

ﺭﻭاﻩ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻓﻴﻪ ﺭﺷﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻭﻓﻴﻪ ﻛﻼﻡ، ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻖ.

تاسعا : الحكم على الحديث .

لا شك في صحة هذا الحديث بعد هذه الشواهد والمتابعات، واحتمال التواتر فيه ظاهر عند بعض أهل الحديث وقد صححه مسلم وغيره قديما وحديثا ،وانما اقتضى إطالة البحث فيه لأن بعض جهلة عصرنا غمز فيه ، فبهذا البحث والحمد لله قلعنا عينه إن كان له مسكة من عقل .

المبحث الثاني : الحديث من حهة الدراية .

أما من جهة الدراية فبياته في الآتي :

أولا : فيه فضيلة ظاهرة لصيام عرفة وغيره وقصدنا التركيز على يوم عرفة وصيامه مستحب إجماعا لغير الحاج لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم لم يصمه في حجة الوداع كما في حديث مسلم وغيره عن أم الفضل .

وأما حديث ابي هريرة ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻌﺮﻓﺔ» أخرجه أبو داود وغيره وفي سنده مهدي الهجري وثقة ابن حبان وصحح حديثه ابن خزيمة والحاكم وقال الحافظ في الهجري : مقبول .

ولكنه لم يتابعه عليه أحد وشاهد عائشة فيه ضعيف جدا لا يفرح به ، وضعفه محتمل مثله يحتج به الفقهاء فيحمل على كراهة صيام يوم عرفة للحاج لا على تحريمه والله المستعان .

ثانيا : المقصود بأنه يكفر سنة ماضية ومستقبلة اي الذنوب الصغائر لما أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ". والشاهد في قوله : ( مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ) ّ.

لما علم في الأصول من وجوب حمل المطلق على المقيد إذ لا تعارض جمعا بين الأدلة.

وهو من أحاديث الرجاء والفضل ، ولا يحمل ثالثا : على إطلاقه كما قد يفهمه بعض الناس من انه يكفر صيام عرفة الكبائر فهذا خلاف الظاهر .

ثالثا : للشيخ الالباني بحث في صحيح الترغيب الجزء الأول مضمونه أن هذه الأحاديث الواردة في الفضائل للصلاة والصوم وغيرها من الطاعات مما ورد أنها تكفر الذنوب وإن كانت مثل زبد البحر وبعضها يغفر ما تقدم من الذنوب وما تأخر ، وبعضها سنة وسنتان ونحوها فإن الصغائر تغفر بفعل واحد من الطاعات ، والباقي من هذه الأعمال تنحت في الذنوب الكبائر عملا بقول الله تعالى : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ) سورة هود 114 .

رابعا : كذلك لا بد أن يكون الصيام متحقق فيه المعاني والمقاصد الشرعية حتى يحصل لفاعله هذا الأجر العظيم فقد ورد ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻝﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﻛﻢ ﻣﻦ ﺻﺎﺋﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﺇﻻ اﻟﺠﻮﻉ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺇﻻ اﻟﺴﻬﺮ " أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند حسن ورواه النسائي مرفوعا وموقوفا وصححه الألباني في صحيح الترغيب وصحيح الجامع ، وفي التردد الواقع في الحديث بين الرفع والوقف الخلاف المشهور بين علماء الحديث في زيادة الثقة .

وكذلك ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ".اخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه .

وصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين نعم المولى ونعم النصير .

كتبه الفقير إلى عفو ربه الكريم : محمد أحمد الوزير الوقشي .