مايا العبسي وصناعة الفرحة
كتب محمد دبوان المياحي
ما تزال مايا العبسي قادرة على صناعة الفرح. تلك الطلاقة في شخصيتها، تُعيد الحيوية لمساءات اليمنيين. لكأنها ما تزال في الموسم الأول، متدفقة، حقيقية ومُتحررة من آثر الظهور وتشوهات النجومية. ليس سهلًا أن ينجح المرء في المحافظة على جوهره الخام، وهو يقطع الدروب كلّها ويظلّ متحدًا بذاته. تلك علامة النجاح الكبير لمايا، صديقة اليمنيين، مرحة وأليفة، وقد فشلت كل غوايات العالم الخارجي أن تُخلخل ثباتها أو تُزيّف صورتها عند نفسها.
أقيس فاعلية شخص ما، قوة دوافعه للحياة؛ بقدرته على ابتكار المسرات. كيف يوسّع إحساس البشر بالحياة، ويُضفي على الأشياء البسيطة حيوية ولمعانًا جديدًا. كيف يُحيل كل شيء لمعنى ولو كان في قلب الصحراء؛ يستطيع أن يفيض عليها من دفئه الخاص، وينشر الخفّة بين الناس. هذه مايا.
شاهدتها الليلة. تأملت وجوه النسوة العاديات يتعثرن في الكلام عن تجاربهن البسيطة؛ فتنجح مايا في إشاعة البهجة في ملامحهن. تردم الفجوات وتغمرهن بحضورها المُكثّف، بضحكتها الطليقة وهي تُعيد الحيوية لهذا الليل. بتعبير الروائي الكبير يوسا.
تعرضت الحياة الحديثة لتشظي كبير، انفصلت الأجيال عن خط الحياة القديمة، حدثت الفجوة بشكل متعسف ودونما مسار تطوري متدرج. برنامج مايا، يفتتح قنوات ترمم الذاكرة. يومًا ما سيحنّ اليمنيون لمايا، ستغدو شفرة في الذاكرة، هوية عامة لشهر رمضان. ومجمع لذكرياتهم وطقوس آباءهم في الماضي. سيغدو برنامجها، شاهدًا على نهر الحياة الكبير، الحياة وهي تواصل فيضانها، حتى في أشدّ فترات الزمان قسوة، هناك قسط من الفرح، هناك إمكانية للعيش، فبراعة الإنسان في اجتياز المآسي، أقوى من كل خناقات العيش وحواجز الأيام. أظن برنامج مايا، يُضمر معنى كهذا. يخلق مساحات للفرجة، يشيع البساطة في الأرواح وببراعة عالية.
** غنيمة دبوان، تُسلِّم عليك يا مايا، تدعي لك برمضان أكثر مني. وتقول لك. ما تشتي تموت، قبل ما تهدر معك. تلويحة مودّة للسيدة المحبوبة. مايا العبسي. ظهورك يخفض منسوب الكآبة في منازل اليمنيين. ويا له من حظ وحظوة مُستحقّة.