الشيخ #الزنداني بين فرية الفرار وحفاوة الأنصار بقلم الكاتبه الأردنية #إحسان الفقيه

الشيخ #الزنداني بين فرية الفرار وحفاوة الأنصار بقلم الكاتبه الأردنية #إحسان الفقيه



الشيخ الزنداني بين فرية الفرار وحفاوة الأنصار

الكاتبة الاردنية / إحسان الفقيه

معارك دامية تلك التي نشبت في جبهة “القفقاس” في الحرب العالمية الأولى، حيث اندفعت روسيا صوب مدينة (أرضروم) في 16 شباط 1916م.

وأثناء المعارك كان الداعية والمصلح (بديع الزمان) (سعيد النورسي) يستبسِلُ هو وطلابه في قتال الجيش الروسي، وألَّف في خنادق القتال كتابه “إشارات الإعجاز”، ورفض الاستسلام، وظل يُقاتل حتى أسره الروس بعد أن جُرح.

مشهد قيادة العلماء للمقاومة، والاستبسال أمام الأعداء، لا يزال يتكرّر في الأمة التي لا تخلو من علماءٍ مجاهدين.

وبعد ما يقرب من مئة عام، كان هذا المشهد:

«لن أترك الطلاب والمشايخ وقد احتموا بي، أنا معهم نعيش كرماء أو نموت شهداء».

ليست هذه العبارة جزءًا من فيلم سينمائي أو رواية من وحي الخيال، وليست مقولة تاريخية لأبطال الإسلام أيام المجد تناقلتها كتب التراجم والسير والتواريخ؛ إنما قالها الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني، من قلب جامعة الإيمان التي أسسها، والتي حاصرها الحوثيون وأعوانهم من الجيش الحكومي، وظل الشيخ يُنازلهم وطلابه بالسلاح، رافضًا ما اقترحه عليه الطلاب من الخروج إلى مكان آمن.

وليس هو المشهد الأول ولا الأخير في حياة الشيخ المجاهد والسياسي والعالم عبد المجيد الزنداني؛ فتاريخه قد امتلأ بمواقف تحتاج إلى مثل هذه الروح التي دبت في شيخ الإسلام ابن تيمية، والعز بن عبد السلام، وغيرهما من العلماء الذين رأوا أن مكان العالِم ليس في المسجد فحسب، وأن علمهم لم يكن ليسير في الناس ويؤثر فيهم، ما لم يمس واقعهم، ويطرق أحوالهم، ويترجم كلمات الجهاد والبذل وضرورة أن يكون العلماء في الطليعة، إلى واقع عمليّ يصدّقه.

هو ذات السمت الذي يُميّز المجاهد عمر المختار لمن رأى صورته، أو لمن رأى فيلم أسد الصحراء، والذي جسد فيه الفنان أنتوني كوين ببراعة شخصية عمر المختار.

الزنداني في سطور

لن أستجيب لإلحاح نفسي بالكتابة عن نشأة الرجل فأستهلك سطوري المعدودة، ولكن ألا يكفيني ويكفيكم القول إن الحكمة يمانية؟ وعلى أرض اليمن نشأ ذلك الحكيم في أسرة متدينة تحب بلادها، وتزرع الخير والدين والأخلاق في ذلك الشبل.

هو ذات الرجل الذي تطلبه أمريكا، وتتهمه بالإرهاب؛ لأنه كان من طليعة العلماء الذين وطِئوا أرض الجهاد في أفغانستان، وكان له جهد مبارك في الإصلاح بين فصائل المجاهدين. وأتوا بصورة لرجل ذي لحية حمراء يقف خلف أسامة بن لادن، وقالوا هو عبد المجيد الزنداني، بينما أكد هو على أنها لا تخُصّه.

والحق أن الرجل جاهد في أفغانستان في وقت كان الجميع يدعم القضية لهدف أو لآخر، ولما انسحب الروس، ودبّ الخلاف بين فصائل المُجاهدين، أفتى بضرورة عودة المجاهدين إلى بلادهم، وألا يكونوا طرفًا في حرب أفغانية أفغانية، وحتى اليوم لا تملك أمريكا دليلًا واحدًا على مزاعمها ضد الزنداني؛ إلا أن علي عبد الله صالح كان يستخدم هذه الورقة لتحجيم الدور السياسي للزنداني وفشل في ذلك.

ولكن لِمَ نتعجل الأحداث؟ فلنرجع إلى الوراء، عندما كان الرجل في بداية شبابه، والدراسة في مصر في كلية الصيدلة، وتأثّره بجماعة الإخوان المسلمين؛ لما رأى منها من بذلٍ وتضحية في وقت حاق فيه الظلام بالمسلمين وما من بارقة أمل.

لم يكمل دراسته رغم أنه كان ناجحًا؛ بل ويقوم بشرح الدروس لزملائه، لكنه قد غادر ليسهم في صناعة الأحداث عندما قامت الثورة اليمنية، ورأى أنه واجب الوقت.

وهناك حقق حلمه المنشود عندما كوَّن مع المناضل اليمني محمد محمود الزبيري الحركة الإسلامية، كان آنذاك في العشرين من عمره.

وعلى أرض اليمن، كان نضاله ضد الحزب الاشتراكي في الجنوب وتقسيم البلاد، فيا معشر اليساريين والعلمانيين والحوثيين، اقصفوا الشيخ بمنجنيق التُّهم كيفما شئتم، وقولوا إن الشيخ أباح دماء أبناء الجنوب بعد تكفيرهم كيفا شئتم؛ فذاكرة التاريخ حاضرة.

ذاكرة التاريخ تتحدث أن أبناء الجنوب كانوا متعطشين للوحدة ضد قرار الانفصال، وأن الشيخ الزنداني كان من طليعة العلماء والقوى الشعبية في الجنوب والشمال، لمساندة الشرعية ضد تقسيم البلاد، انطلاقًا من واجب شرعي وطني، وهو الحفاظ على وحدة اليمن.

ولم يطعن في هذه الوحدة سوى أصحاب الأجندات الخارجية، ممن ادّعوا المظلومية في الجنوب، مُستغلين فساد السلطة في عهد علي عبد الله صالح.

*هو عبد المجيد الزنداني، الذي وقف بشموخ أمام الرئيس اليمني للدفاع عن الهوية الإسلامية لليمنيين، وصمد باعتباره رئيس مجلس شورى حزب الإصلاح، مع رئيس الحزب عبد الله الأحمر، ضد أي احتمالات لعلمنة الدستور؛ حيث ثار الجدل حول المادة الثالثة التي تجعل الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسًا وليس وحيدًا للتشريع.

وجعل يبين حيثيات رفضه أمام صالح، أن حزبه لا يمكنه قبول التحاكم إلى غير شريعة الإسلام، وسرد أمامه الأدلة الشرعية، ورضخ حزبا المؤتمر والاشتراكي لجعل الشريعة مصدرًا لجميع القوانين والتشريعات.

*هو عبد المجيد الزنداني رائد مجال الإعجاز العلمي للقرآن، الذي عُيّن أمينًا عامًّا لهيئة الإعجاز العلمي إبان وجوده في السعودية في الثمانينيات، وذاع صيته بهذا الصدد، وأقبلت الجماهير للتعرف على هذا المجال، الذي كان سببًا في دخول جموع غفيرة في الإسلام؛ حيث أظهر جانبًا من عظمة القرآن التي لا تنتهي، بربطه بالاكتشافات العلمية المعاصرة.

ووُضعت الإمكانات تحت يده في المملكة، واستطاع مع نخبة من العلماء أن يخوضوا رحلة بحثية، توصلوا من خلالها إلى مجموعة من الاكتشافات الطبية المهمة، ليعود مرة أخرى إلى اليمن، ليؤسس مركز الطب النبوي في جامعة الإيمان، واستطاع من خلال الأعشاب استخلاص علاجات فعالة ضد أمراض مستعصية مثل الإيدز، وكانت الحالات تعالج مجانًا، والنتائج كانت مذهلة.

وتقدم الشيخ إلى أكثر من جهة لنيل براءة اختراع، لكنهم وقفوا له بالمرصاد، فكيف تكون هذه الاكتشافات من نصيب المسلمين؟ لكنه قد حصل عليها بالفعل من جنوب إفريقيا.

*هو عبد المجيد الزنداني الذي أسس جامعة الإيمان، في اليمن .

x