رمضان الشهر ورمضان الحياة مقال رائع للكاتب الدكتور خالد حمدي

#رمضان_الشهر_ورمضان_الحياة

رمضان رمضانان..

رمضان الشهر ورمضان الحياة..

رمضان الشهر... أنموذج مصغر لحياة تشبه الجنة..

أنموذج مُغرٍ لمن يعشق حياة الطمأنينة والسكينة، فلا يلبث أن يحول حياته لرمضان طويل..

رمضان في الأصل منهج حياة لو كنت تعلم.

باع الحسن بن صالح جارية له لقوم..

والحسن بن صالح كان رمضاني الحياة... وكذلك كانت جاريته..

ولما أخذها المشترون عندهم...

كانت إذا صلت العشاء افتتحت الصلاة... تصلي شيئا من القيام أول الليل.

ثم تقوم آخر الليل وتصلي ربما إلى الفجر، وتقول لأهل الدار: يا أهل الدار! قوموا فصلوا، فيقولون لها: نحن لا نقوم إلا الفجر ..

ثم تنادي ليتسحروا أيام الصيام، فيقولون لها:

نحن لا نصوم إلا الشهر..أي شهر رمضان فقط..

فجاءت إلى الحسن بن صالح تشتكي وقالت له : بعتني إلى قوم سوء ينامون الليل كله، لا يصلون إلا الفجر، ولا يصومون إلا الشهر..أخاف أن أكسد!

ردني ردني فرأف بها وردها.

وبات عندي ضيف جاءني زائرا من بلد أخرى بعيدة..

نام الرجل مرهقا، واستيقظنا سويا على أذان الفجر فقام مفزوعا حزينا، إذ أنه لم يضيع قيام الليل قط... غير أن أقداره ساقته إلى رجل لا يتعامل مع العبادة مثل تعامله..

رمضان الحياة أروع ألف مرة من رمضان الشهر... إذ الثاني (أياما معدودات والأول يشمل الحياة حتى الممات)

رمضان الحياة... هو تلكم الروح الرمضانية التي تحيا رمضان حتى في الأيام العادية!!

مستعينا على ذلك بما يأخذه من أزواد من رمضان هذا إلى رمضان ذاك..

كمن تمر أمام داره سيارة محملة بالحاجيات كل عام فتمكث عنده قليلا، فما يلبث أن يأخذ منها ما يكفيه حتى تعود إليه كل عام..

داوود بن أبي هند كانت زوجته تُعِدُّ طعام الإفطار في الصباح، فينوي الصيام، ويأخذ الطعام معه إلى الدكان، فيتصدق به في الطريق، ثم يرجع إلى أهله عند المغرب، فيفطر هنالك لا يظنون إلا أنه مفطر في النهار.

وليس المقصود برمضان الحياة تلك العبادات الظاهرة كالصيام والقيام فقط.... إنما المقصود أن يكون سمتك وهديك في بقية حياتك كأن رمضان لم يفارقك!!

سيقول لك بعضهم: هذا مستحيل، من ذا الذي يستطيع ذلك؟!

فقل لهم: من يريد ذلك!!

ولولا أني رأيت بعض هؤلاء الرمضانين ما كتبت حرفا مما كتبت..

مات منذ شهور أحد من أعرفهم فعلمت من القريبين منه أمورا من الخير والطاعات ما تخيلت أحدا يفعلها، فقلت هنيئا له... مات رمضاني الحياة!!

رافق النبي في حجة الوداع مائة وأربعة وعشرون ألف صحابي.. دفن منهم في الجزيرة العربية عشرة آلاف فقط.. وبقيتهم ماتوا في أرض الله الواسعة الشاسعة..

أخذوا ما يكفيهم وانطلقوا... فالحياة لله لا تحتاج سوى كثير همة ولو مع قليل علم..

وما الحياة الرمضانية إلا كذلك..

نية من صاحبها... وأخلاق وعبادات رمضانية يصطحبها ليقلدها بقية عمره.

باختصار..

اجعل حياتك كلها رمضان، وعيدك يوم تلقى الله.

#خالد_حمدي