ضرورة توحيد شطري الإيمان مقال للاستاذ الدكتور فؤاد البنا استاذ الفكر الإسلامي في جامعة تعز

ضرورة توحيد شطري الإيمان مقال للاستاذ الدكتور فؤاد البنا استاذ الفكر الإسلامي في جامعة تعز



ضرورة توحيد شطري الإيمان!*

أ.د.فؤاد البنا

قال لي: ما فتئت تتحدث عن أن من أبرز عوامل ضعف فاعلية الإيمان للمسلم المعاصر، انشطاره بين العقل والقلب، فما هي الخطوات العملية المفصلة التي تضمن اندماج الإيمان العقلي والإيمان القلبي؟

فقلت: يبدو لي أن جوهر عملية الدمج يكمن في عملية تدبر القرآن، حيث ينبغي أن يكون التدبر عملية عقلية وقلبية في آن واحد، بحيث يصبح الفهم زادا للعقل والخشوع زادا للقلب.

وكلما أوغل المرء في عملية التدبر ببعدي الأفكار والمشاعر، فإن التوازن بين العقل والقلب يمكن أن يترسخ بصورة أقوى وأعمق؛ مما يعطي للإيمان فاعلية أقوى وأشمل، بحيث تتسع زوايا الرؤية وتزيد مشاعر الخوف من الله في كل شاردة وواردة!

وبالمناسبة كنت في كتابي (تدبر القرآن بين الأقفال والمفاتيح)، قد استقرأت آيات القرآن الكريم المتصلة بالتعامل معه، وفي سياق دراستي للأقفال المانعة من تدبره، وجدت أنها تنقسم إلى أقفال ذاتية وخارجية، ووزعت الأقفال الذاتية بين العقل والقلب، وأهم الأقفال العقلية هي: القراءة الجزئية للنصوص القرآنية، الجهل بمقاصد الشريعة الإسلامية وقواعد اللغة العربية، الانكباب العقلي بعدم السير وفق منهج علمي سليم، أما أهم الأقفال القلبية فهي: عدم وجود الإيمان الحي في القلب، التحلي بالكبر والغرور، إصابة القلب بالأمراض التي تصيبه بالسقم.

وفي سياق تحديد أهم مفاتيح التدبر من خلال استقراء نصوص القرآن، فقد رصدت عشرة مفاتيح رئيسة، وبعد تأملي لنواحي تركزها وجدت أن ثلاثا منها تتركز على العقل، وهي: تفعيل جهاز الوعي ومعرفة اللغة العربية، التثوير والمدارسة، القراءة الكلية الجامعة بين كتب الهداية. وتتركز ثلاث أخرى على القلب، وهي: الخشوع والتفاعل الوجداني، الإيمان والتلقي المتجدد، استثمار المعينات وأهمها المعينات الصوتية التي تمنح المرء الإحساس بصوت الله وهو يخاطبه.

أما بقية المفاتيح العشرة فهي مشتركة بين العقل والقلب، وهي: الإرادة الذاتية والتحرر من أغلال التفاسير التراثية المرتبطة بثقافات عصور خلت، حسن الاستماع وإخلاء بيئة القراءة من الشواغل والصوارف، الترتيل المسترسل لا المتعجل، تسليم مقاليد القيادة للقرآن والسير خلف تعاليمه بتسليم مطلق.

وبهذا يتبين لنا أن الإيمان ذو شعبتين أساسيتين عقلية وقلبية، والثالثة هي العمل والتنفيذ وهي أقرب إلى النتيجة أو الثمرة، وبهذه الثلاثية تنجبر حقيقة الإيمان وتصبح شديدة الحضور والفاعلية في محراب الحياة!

x