بوابة الرجاء لماذا القرآن الكريم معجزة الإسلام العظمى مقال رائع البروفيسور فؤاد البنا

بوابة الرجاء لماذا القرآن الكريم معجزة الإسلام العظمى مقال رائع البروفيسور فؤاد البنا



بوابة_الرجاء!

اد_فؤاد_البنا

من المعلوم لدى الجميع أن معجزة الإسلام العظمى هي القرآن الكريم، وهي معجزة معنوية عقلية، بينما كانت معجزات سائر الأنبياء مادية حسية، ولما كانت تلك المعجزات تخرج من أرحام التكذيب والتحدي، ولا يأتي بها الأنبياء غالبا إلا بعد استيفاء أسباب البلاغ واستنفاد أساليب البيان؛ فقد كان يتبعها العذاب الاستئصالي لمن يكذِّب بها، ذلك أن من كذب بأمر حسي خارق يعجز عن المجيء بمثله جميع البشر فمن المستحيل أن يؤمن بعد ذلك بالغيب الذي هو مضمون دعوة الإيمان بالله وملائكته وأقداره وجنته وناره!

هذه المقدمة ضرورية لفهم علة جعل القرآن معجزة الإسلام العظمى التي وقع بها التحدي بجانب كونه دليل الهداية!

وبالتأكيد فإن هناك عددا من العوامل وراء جعل القرآن معجزة خاتم الأنبياء، ولا شك بأن أحدها هو ما نحن بصده في هذا المقام، وهو رحمة الله بهذه الأمة حتى لا يحل بها العذاب الاستئصالي الذي يبيد خضراءها ويستأصل شأفتها كما حدث لعاد وثمود وأصحاب الأيكة وقرى سدوم!

لكن الأمر يختلف مع القرآن، فمن كذب به اليوم قد يؤمن به غداً؛ ذلك أنه كلام وليس أفعالا، وهو أمر معنوي لا حسي، ومن ثم فإن الناس قد يختلفون في فهمه وتقديره والتفاعل معه، بحسب معارفهم وأفهامهم وزوايا نظرهم، ووفق ظروفهم النفسية وأحوالهم الاجتماعية وأوضاعهم الاقتصادية.

وبهذا الصنيع فإن الله يفتح بابا أمام جميع خلقه وهو باب الرجاء، ولا يمكن لأحد إغلاقه بأي حال، حيث لا يأس من استجابة أحد ولا قنوط من إيمان أي شخص!

ويكفي أن نتذكر بأن من ثمرات هذا الإمهال، اكتساب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الصف الإسلامي، وهو الذي صار أكثر الصحابة اقتراباً من القرآن، بعد أن بقي مكذباً بالقرآن وبالرسول ست سنوات كاملة، بل وبقي يصد ويحارب الرسول وصحابته لدرجة أن بعض الصحابة أخبر بأن عمر لن يؤمن حتى يؤمن حمار الخطاب!

ومن الواضح أن هذا الاستثناء لا علاقة له بأي صورة من صور التفضيل أو المحاباة وإنما لكون الإسلام خاتم الأديان وأمته هي خاتمة الأمم، وبالطبع فإن أمته لا علاقة لها بعرق أو قومية أو لون أو لسان؛ ذلك أن الإسلام دعوة عامة لجميع البشر، وأمة الإجابة تتكون من كل من استجاب لنداء الله من أمة الدعوة، كما نراها اليوم تتكون من الآسيوي والإفريقي والأوروبي والأمريكي واللاتيني والأسترالي، وترى في أوساطها كل الألوان وتسمع جميع الألسنة، وتتمدد أواصرها بين سائر الشعوب والطبقات والمكونات والتجمعات!

x