فوائدة لغوية :
تصويب ثلاثة أمثال يتناقلها الناس بطريقة خاطئة :
المثل الأول : ( الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك ).
طبعًا الخطأ في هذا المثل هو كلمة ( كالسيف ) و الصواب ( كالسيل ) فيكون المثل :
( الوقت كالسيل إذا لم تقطعه قطعك ) .
طبعًا هذا المثل يضرب في سرعة إنجاز الأعمال قبل فوات الوقت ، و العرب لا تقول كلامًا بلا معنى ، فإذا قلنا أن المثل هو :
الوقت كالسيف ، فأين المعنى في ذلك ؟ و ما علاقة السيف بالوقت ؟ ثم إن السيف يَقطع ، و لا يُقطع أي أنه يَقطع الأشياء ، و لكن لا يمكن قطعه بل يمكن كسره ؛ لأنه مصنوع من الحديد ، فاستخدام كلمة ( تقطعه ) للسيف هي خطأ لغوي فادح ، و جسيم ، و لا يمكن للعرب أن يقعوا فيه ، و هم أهل الفصاحة ، و البلاغة ، ثم ما العبرة ، و ما الفائدة من قطعنا للسيف ، و ما علاقة ذلك بسرعة إنجاز الأعمال قبل فوات الوقت ؟؟؟
فالصواب هو :
(الوقت كالسيل إذا لم تقطعه قطعك) ، و معنى المثل : أننا إذا لم نسرع في إنجاز الأعمال ، و استغلال الوقت فإن الوقت سيداهمنا مثل السيل الذي إذا لم نسرع في اجتياز الوادي ، فإنه سيأتي ، و سيقطعنا من السفر .
يبقى سؤال مهم ، و هو : لماذا تناقل الناس هذا المثل بهذه الطريقة الخاطئة ؟
الجواب هو : أن الناس عندما وجدوا كلمة ( تقطعه ) و كلمة ( قطعك ) ربطوها مباشرة بالمعنى المشهور للقطع ، و هو شطر الشيء إلى جزئين ، أو قطعتين ، و هذا يكون - غالبا - بالسيف ، و لم يخطر في بالهم المعنى الآخر للقطع ، و هو ( المنع من السفر ، و الحيلولة دونه ) و الذي يكون بالسيل .
المثل الثاني :( كذب المنجمون ، و لو صدقوا ).
أولاً: ينبغي توضيح أمر مهم ، و هو أن هذا مثل ، و ليس حديثًا عن النبي - عليه الصلاة ، و السلام - كما قد يظن البعض .
طبعًا الخطأ في هذا المثل هو في كلمة ( صدقوا ) و الصواب ( صدفوا ) بالفاء ؛ أي أصابوا الحق بالصدفة ، فيكون المثل هكذا :
( كذب المنجمون ، و لو صدفوا )و السبب في ذلك أولًا : أن المثل ورد هكذا في أمهات كتب اللغة ، و ثانيا: أن المنجمين دجالون ، و كذابون لا يصدقون .
يبقى سؤال مهم ، و هو: لماذا تناقل الناس هذا المثل بهذه الطريقة الخاطئة ؟!
الجواب هو أن تشابه الحرفين ( الفاء ، و القاف ) أدى إلى تشابه الفعلين ( صدفوا ، و صدقوا ) و الذي جعلهم يختارون الفعل ( صدقوا ) هو وجود الفعل ( كذب ) في المثَل ، و الذي هو ضده تماما ، و كما قيل : و بضدها تذكر الأشياء .
المثل الثالث : هو عبارة عن بيت شعر يجري مجرى المثل ، و هو :
أعلمه الرماية كل يومٍ
فلما اشتد ساعده رماني
طبعا الخطأ في هذا المثل هو كلمة ( اشتد ) و الصواب ( استد ) بالسين ، و معنى ( استد ) من التسديد ، و هو دقة التصويب في الرماية ، و السبب أولا أن البيت ورد هكذا في المصادر ، و ثانيا أن الرماية باستخدام القوس لا تحتاج إلى الشدة ، و القوة ( اشتد ) إذ أن وتر القوس مرن جدًا لدرجة أنه حتى المرأة يمكنها أن ترمي بالقوس ، و لكن الرماية بالقوس تحتاج إلى التعلم ، و التدرب كل يوم على التسديد ، و دقة التصويب ( استد ) .
يبقى السؤال : لماذا تناقل الناس هذا المثل بهذه الطريقة الخاطئة ؟
الجواب هو أن الفعل ( اشتد ) مشهور عند العامة ، و كثير الاستخدام عندهم ، أما الفعل ( استد ) فهو غير مشهور عندهم ، و غير مستخدم في كلامهم ، و يكاد ينحصر عند الخاصة من أهل اللغة .
📝محمد مصطفى العمراني