نحو وعي حقوقي وقانوني: الأصل في العقود الصحه.

نحو وعي حقوقي وقانوني: الأصل في العقود الصحه.



الأصل في العقود الصحة

*▪️قاعدة الأصل في العقود والتصرفات الصحة والجواز قاعدة شرعية وقانونية معتبرة لها تأثيرها البالغ في الإثبات إضافة إلى أن لهذه القاعدة تطبيقها الخاص في إثبات الملكية العقارية، وقد أشار إلى ذلك الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-5-2012م في الطعن رقم (45618)، الذي ورد ضمن أسبابه أنه: ((حيث ان المطعون ضدها معها الظاهر بالتصرف إليها من البائع لها بموجب بصيرة شراءها منه وبموجب بصيرة البائع لها المشتري اصلا من مؤرث الطاعنين المعضودتين بالشهادات تصحيحاً للبصيرتين، فالأصل في العقود الصحة، حيث لم تلمس الدائرة ما يوجب نقض البصيرتين))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: ماهية قاعدة الأصل في العقود الصحة ونطاقها:*

➖➖➖➖➖

*▪️في كتب الفقه الإسلامي ترد هذه القاعدة بصيغ مختلفة منها صيغة ( الأصل في العقود الجواز والصحة( وهذه الصيغة أشمل صيغة، ومن خلال التأمل لهذه الصيغة نجد أنها تشتمل على جانبين :الجانب الأول : الأصل جواز العقود واباحتها من الناحية الشرعية، وذلك يساوي مضمون قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، فمن هذا الجانب تعني قاعدة الأصل في العقود الصحة والجواز تعني ان الأصل في العقود والتصرفات انها جائزة شرعا ، اما الجانب الثاني للقاعدة :فيعني ان العقد أو التصرف قد تم صحيحا توفرت فيه اركانه وشروطه جميعها ، وأنه يجب على المتعاقد الوفاء بالعقد عملا بقوله تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾، وجمهور الفقهاء يقولوا: بأنَّ الأصل في العقود والشُّروط الصحَّة، إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح.، ومن ثمرات هذه القاعدة:-1- عدم حصْر العقود في المعاملات المعروفة فقط، فقد تنشأ عقوداً جديدة بحسب كل زمان ومكان، والعقود تتم اجتهاداً بحسب حاجة الناس واستنباطاً من الأدلة، فلا مانع من وجود عقود جديدة .-2- ينظر في حل وحرمة العقد حسَب ما تضمَّنه من أحكام مثل (التأمين -الشرط الجزائي -الإيجار المنتهي بالتمليك ).-4- مطالبة مَن أدعى تحرَّيم عقدً أو أدعى عدم صحته مطالبته بالدليل على التحريم أو عدم الصحة.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: قاعدة الأصل في العقود الصحة في القانون:*

➖➖➖➖➖

*▪️ من الثابت أن القانون المدني اليمني عبارة عن تقنين لأقوال الفقهاء، ولذلك نجد أن القانون المدني قد تضمن قاعدة الأصل في العقود الصحة، فقد نصت المادة (13) على ان( العقد ملزم للمتعاقدين، والاصل في العقود والشروط الصحة حتى يثبت ما يقتضي بطلانها، والغش يبطل العقود والضرر اليسير فيها الذي لا يمكن الاحتراز عنه عادة لا يكون مانعا من صحة العقد).*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: تأثير قاعدة الأصل في العقود الصحة على الإثبات:*

➖➖➖➖➖

*▪️وفقاً للقواعد العامة فإن المتمسك بالأصل لا يلزمه الإثبات، لأنه متمسك بالأصل المقرر في الشريعة والقانون، ومؤدى ذلك أنه ينبغي على المدعي خلاف الأصل ان يثبت ما يدعيه خلافا للأصل، وبتطبيق هذا المفهوم على قاعدة الأصل في العقود الصحة، فإن أي عقد أو تصرف يكون صحيحا توفرت فيه كافة أركان وشروط العقد أو التصرف، فلا يلزم المتمسك بالعقد ان يثبت صحة العقد أو توفر أركانه وشروطه، وإنما ينبغي على المدعي بأن العقد أو التصرف غير صحيح أن يثبت ذلك.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الرابع: الظاهر في العقود والتصرفات:*

➖➖➖➖➖

*▪️كان من ضمن أسباب الحكم محل تعليقنا في قضائه للمطعون ضدها (بأن معها الظاهر)، حسبما ورد في أسباب الحكم، ومعنى ذلك من وجهين، الأول: انها متمسكة بالعقود وهي البصيرتين "بصيرة شرائها من البائع لها وبصيرة البائع لها (مؤرث الطاعنين)" فظاهر البصيرتين الصحة ، والوجه الثاني: ان المطعون ضدها وضعت يدها على المبيع، فكانت في مركز المدعى عليه الذي معه اظهر الأمرين حسب تعريف قانون الاثبات ، فقد وضعت المطعون ضدها يدها منذ مدة طويلة فلم تكن غاصبة أو نازعة لحيازة غيرها.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الخامس: إثبات الملكية العقارية بالكتابة وحجية البصائر (وثائق الملكية العقارية):*

➖➖➖➖➖

*▪️أستقر الأمر في اليمن منذ أكثر من ستمائة سنة على إستعمال الكتابة في إثبات الملكية العقارية، فكان قضاة وفقهاء اليمن هم السباقون لفكرة إثبات التصرفات العقارية بالكتابة قبل ظهور فكرة التوثيق والسجل العقاري، فبيع وشراء العقارات في اليمن يتم إثباته منذ عقود طويلة عن طريق الكتابة (البصائر والفصول والوقفيات والهبات والنذريات ...إلخ)، فكلها وثائق كتابية، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا لجأ إلى الشهادة لإسناد ما ورد في البصيرتين فلم يقبل الشهادة لدحض الكتابة وإنما لإثباتها، كما أن الحكم لم يستدل بالشهادة كدليل وحيد في الملكية العقارية وإنما لتأييد الدليل الأصلي في الملكية العقارية وهو الكتابة اي ما ورد في البصيرتين، كما أن الملاحظ أن الحكم محل تعليقنا لم يعتمد بصيرة شراء المطعون ضدها للأرض فقط وإنما أستند إلى بصيرة شراء البائع لها، لأن الشرع والقانون يشترطا أن يكون البائع مالكاً لما يبيع، فلا بد من التحقق من ان البائع للمطعون ضدها كان مالكاً للأرض التي باعها للمطعون ضدها.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه السادس: الشهادة تؤيد البصيرة ولا تدحضها:*

➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول: ان البصيرة (المكتوبة) هي الوسيلة المعتبرة والمعدة لإثبات الملكية العقارية أو إثبات العقود والتصرفات الناقلة للملكية العقارية ، وقد استقر هذا المفهوم في اليمن وغيرها لعقود طويلة، وعلى هذا الأساس فإن ما ثبت في البصيرة المكتوبة لا يدحض بالشهادة طالما ان البصيرة صحيحة، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد أجاز تأييد صحة البصيرة عن طريق أقوال الشهود غير انه لم يقبل الشهادة لدحضها، والله اعلم.*

منقول

x