في تاريخ ٣١ من اكتوبر قبل ٤٩ عاما توفي المفكر الاسلامي الكبير مالك بن نبي رحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة
عندما تتشكل البذرة الأولى للهوية بشكل سليم يبقى عقلك وضميرك هما بوصلة الأفكار والتوجهات المستقبلية في كل حياتك، هذا ما حدث بالضبط مع المفكر الإسلامي الكبير مالك بن نبي فيلسوف الحضارة ووريث كرسي الاجتماع الخلدوني.
مرت علينا بالأمس الذكرى الـ٤٩ لوفاة هذا المفكر الفذ مالك بن نبي ١٩٠٥ـ١٩٧٣م و الذي ترك خلفه ثورة وثروة مهولة من الأفكار النهضوية والحضارية بين كتب ودراسات ومحاضرات ألقاها الراحل في كل من دمشق والقاهرة وبيروت والجزائر.
عاش مالك بني طفولة ككل العرب الذين عاصروا مرحلة الاستعمار طفولة بلا هوية ولا ملامح في مدارس الاستعمار، الذي كرس لغته وثقافته وهويته في هذه المدارس، لكن الأقدار كانت تحيط بمالك بن نبي الذي تلقى تعليما تقليديا في الكٌتاب وحلقات العلم والقرآن ، فحافظت تلك الحلقات على شخصيته وهويته رغم أن كل ما كتبه كان باللغة الفرنسية وترجم للعربية لاحقا .
إلا أن إيمان مالك بن نبي بهويته وقضيته ظل حاضرا ووفيا لها فكتب كل كتبه بالفرنسية وكلها أفكار رافضه لفرنسا والاستعمار وكل صور الاستبداد والتبعية والاستلاب للمستعمر .
طرح مالك بن نبي جملة في الأفكار فيما يتعلق بالاستبداد و الاستعمار والنهوض والتحرر وشبكة العلاقات الاجتماعية وميلاد المجتمعات ونهضتها، هذا الافكار التي شكلت واحدة من ملامح مرحلة مناهضة الاستعمار، التي أعادت للشباب العربي هويته وأصالته من خلال هذا الأفكار التي شكلت خطابا عربيا تحريريا، حيث كان يرى بن نبي أن الأفكار هي رأس مال أي مجتمع وأن خلو أي مجتمع من الأفكار يعني بزوغ فكرة الصنم وهو الاستبداد بحسب مفهوم مالك بن نبي.
كم نحن بحاجة في هذه المرحلة لاستعادة الدرس جملة أفكار مالك بني والاشتغال عليها من خلال إعادة قراءة أفكاره ودراستها والاشتغال عليها في هذه المرحلة باعتبارها أفكار تمثل جدارا واقيا أمام حالة الانبهار بالغرب وحالة الانهزام الدائم وأهمية إعادة ا لاعتبار للذات والحضارة الإسلامية التي تمثل أحد أهم ملامح الحضارة البشرية المعاصرة وأهم ركائزها.
رحم الله المفكر الفذ مالك بن نبي وأسكنه فسيح جناته.