المولد النبوي في الميزان
مقال للدكتور تامر عزب
كعادة الأمم في عصور الإضمحلال تنصرف جهودها إلى الحواشي و تذهل عن المتون
كم من جهود أهدرت و أعمار ضيعت و أموال انفقت و شقاقات بذرت و خلافات أججت في مسائل فرعية لو أهملت بالكلية لما اهتز من الدين أركانه و لا تزعزع في نفس المسلم إيمانه
تلك الجهود التي لو أنفق أعداء الأمة أضعاف مضاعفة لإهدارها ما وصلوا إلى ما وصلت إليه أمتنا بأيدي بنيها
و هذه المسائل الخلافية الأزلية منها الموسمية الذي يتجدد بشكل مكرور ممل مثل جواز تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم ، جواز الإحتفال بالموالد النبوي ، جواز خروج زكاة الفطر نقدًا ، اختلاف مطالع الأهلة في البلاد الإسلامية
و منها ما يظهر بدون انذار مثل الخلاف الأزلي على درجة مشروعية اللحية فرض أو واجب أو سنة أو غير ذلك و الخلاف بين النقاب و الخمار و ما استتبع ذلك من مبارزات كلامية و نزالات و شرائط و مطبوعات
فهل يعقل أن تذهل عقول أصحاب العقول عن واقع الأمة فلا يناقش حكمًا جبريًا ظلوما و لا حريات مكبلة و حرمات منتهكة و واقع اقتصادي يفتن العوام في دينهم و بلاد المسلمين مغتصبة و عدو تملك رقابنا وتسلل إلى إعلامنا فألّب علينا بيوتنا و أفسد ديننا و دنيانا !!! لا يناقشون مشكلة العنوسة و آثارها و شيوع الإنتحار و أسبابه و تفشي الموبقات و مظاهرها …
لا أحد يتحدث عن تردي الخدمات الصحية و لا تدني التعليم ،،،
للأسف يظن أصحاب العقول الضعيفة أن الحديث عن الصحة و التعليم هو ليس من الدين في شئ يظنون أنهم يقيمون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بترك بعض الشعيرات تنمو في وجوههم و ينسون أنهم يميتون دين الله بحصاره في سفاسف الأمور
يظنون أن شريعة الله عز و جل جاءت لتقوم الدين لا الدنيا
يفسرون قول الله عز و جل ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) بظاهر النسك لا بعموم الحياة
أيام خلت كنا نتجادل حول حكم التصوير حلال أم حرام و كان مشايخ الحجاز يقطعون بعدم جوازه بينما عدونا يصور غرف النوم بقصور حكامنا و اليوم يشترك بعض من أولئك المشايخ في تصوير دعاية للمواسم الهذلية متراجعا عن فتواه!!
فكم فتنتم من عباد رأوا دين الله يدور في فلك السلطان و كم أضللتم من عباد سطحتم إسلامهم حتى فقدوا البوصلة
.نختمها بقصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
* ولد الهدى وانثالَ منه النورُ
* وهدى الحبيب تبسمٌ وسرورُ
*
* والبشريات تلوح في أسرابها
* والأرض تضحك والفضاء ينيرُ
*
* وسحائب الرحمات تنشر نورها
* بين الأنام وينتشي الشحرور
*
* والزهر أينع والورود تفتقت
* بعد الذبول فروضها ممطورُ
*
* والكون يطرب بالمسرة والهنا
* والنور يهمي والظلام يغور
*
* والكائنات تزملتْ بسعادة
* ذكر الحبيب نضارة وحبور
*
* تتجدد الذكرى فيرتسم الرضا
*ويفيض في روض الحياة عبيرُ
*
* في كل عام تحتفى أشواقنا
في ذكر من يسمو به التعبير
وبكل عام نرتدي حلل الندى
ذكــرُ الحبيب تفوح منه عطورُ
من نور أحمد نحتسي قيم الوفا
فالصادقون الأوفياء بدور
هائل الصرمي