(هل المرأة إنسان أم لا؟)
كان هذا عنوانًا لمقالة منشورة على صحيفة (الساسة بوست)، اقتبست منها ما ستقرأه بين علامتي التّنصيص.
«في عام 586م عقد الفرنسيون مؤتمرًا للبحث: هل تعد المرأة إنسانًا أم غير إنسان؟! وهل لها روح أم ليست لها روح؟! وإذا كانت روحًا فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟! وإذا كانت إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟! وفي النهاية قرروا أنها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب.
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارًا في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب «العهد الجديد» أي الإنجيل المحرف؛ لأنها تعتبر نجسة».
وعليه..
عزيزتي المرأة، إن كنتِ في مجتمعنا معزّزة مكرمة مقارنةً بما هو مقتبس من تاريخ أوروبا، فأنا لم أقتبس السّطور آنفة الذّكر لأمنّ عليكِ بحقّكِ الإلهي، ولا لأذكّركِ بأن الإسلام كرّم المرأة، ولكن لأذكّرنا بضمير الأمّة أن الإسلام كرّمنا، أدرك كرامتنا قبل أن تُسبى في حظائر المتغلّبين بلا أخلاق.
لولاه لصرنا في مستعمرات القياصرة والأكاسرة- كما كنّا في أنظارهم- أدنى من كرامة المرأة التي خُلقت لخدمتهم.
ويا سبحان الله!
كان سادة قريش يعادون الإسلام غيرةً على مكانتهم العليّة في قومهم، وما جمعهم على العداوة ألا أن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- يضع الشريف ويرفع الوضيع.
في شعب من شعاب مكّة، رأى أبو سفيان سعد بن أبي وقّاص يصلّي ضمن صفّ فيه عمار، وصهيب، وسلمة، وابن مسعود.. فأنشأ يذكّر سعدًا فيمن هو من قريش، بالنّسب والكرامة والمكانة المرموقة، وقبل أن يقذفه ومن معه بالحصى، وبّخه، أن كيف يرضى بدين يضعه مع هؤلاء الأراذل على صعيد!
ومضى الوقت بأبي سفيان من شعب مكّة إلى صعيد القادسية كاستيقاظ نائم من حلمه، يقف ضمن صفٍ رماه البارحة بالحصى، ليقول وهو يشير إلى الرّوم أغرب ما يمكن قوله في الفرق، ما بين قبل، وبعد:
كنّا نأتي هذه الأرض تجّارًا، لا نكاد نأمن على تجارتنا وأنفسنا من سطوة الرّوم، فكنّا نتآلف سادتهم وكبرائهم بالهدايا والمدائح، ونحن في أنظارهم أعرابٌ أجلاف، لا يبلغ شريفنا قدر أدناهم، واليوم ها نحن هُنا، قد خشي الرّوم لقائنا ونحن نستعجل لقائهم..
ثمّ يضرب كفًّا على كفّ في حيرة، ويقول: ما أقرب اليوم بالبارحة وما أبعده منها!
(ما أقربه بفارق الوقت، وما أبعده بفارق الحال)!
صار العرب بعد إسلامهم يوفّرون حقوق المرأة، فإن يهدروها بعد ذلك، عادوا إلى قبله، وما قبله لا يسمّون مجتمع ذكوري، بل جاهلي، وفي جاهليتهم، كانوا كما قال أبو سفيان (لا يبلغ شريفنا قدر أدناهم)، فالقضيّة يا أعزّائي قضيّة أمّة، لا امراءه..محمد الصناعي