هل صلاة القيام بدعة كما يروج بعض الجهلة

هل صلاة القيام بدعة؟🔘



⭕ السؤال:
- كثر الحديث هذه الأيام عن صلاة القيام أنها بدعة، وأن فعلها من المخالفات الشرعية العصرية، فما مدى صحة هذا القول؟


💡 الإجابة:
- في هذه المسألة إفراط وتفريط، ولعل هذا السؤال فرصة للتنبيه على عدد من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع:

1⃣ صلاة التراويح سنة ثابتة في كل أيام رمضان، في أوله وأوسطه وآخره، وليس للعشر الأواخر من رمضان صلاة أخرى تخصّها، بل هي ذاتها صلاة التراويح التي نصليها من أول الشهر.

2⃣ من الاعتقادات الخاطئة ما يظنه كثير من الناس أن للعشر الأواخر من رمضان صلاتين مختلفتين، تتميز كل واحدة منهما بأحكام خاصة بها، ولذا تجدهم يُغيّرون عدد ركعات الصلاة في العشر الأواخر، وربما أوتروا مرتين، بأول الليل وآخره، ويستنكرون إن ترك إمام مسجدهم صلاة القيام واكتفى بالصلاة في أول الليل، وبعضهم لا يحضر أصلا في صلاة أول الليل ويجتهد في الحضور لصلاة القيام معتقدا أنها أفضل، وهذا اعتقاد خطأ؛ فصلاة القيام إنما هي جزء من صلاة التراويح، وليست صلاة مستقلة.

3⃣ (صلاة التراويح)، (وقيام الليل)، (وصلاة التهجد)، كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الصلاة في الليل من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، واختصت في رمضان باسم (صلاة التراويح)، والصلاة في العشر الأواخر لا تخرج عن ذلك، فيجوز أن تُصلى دفعة واحدة أول الليل، أو دفعة واحدة آخر الليل، أو قسمتها بين أول الليل وآخره، وهي المشهورة الآن بين الناس، فيسمون الأولى بالتراويح، والثانية بصلاة القيام.

4⃣ في الحكم على صلاة القيام لا بد من التفريق بين مقام (الجواز) وبين مقام (الاستحباب)، فصلاة القيام جائزة بلا إشكال، إذ هي صلاة في جزء من الليل، ومن كل أجزاء الليل قد صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، وقد سبق تفصيل ذلك في #الفتوى_رقم_2220 ، ولكن هذا الترتيب، وتخصيص العشر الأخيرة من رمضان به، والمداومة على فعله في كل عام، ليس سنة مستحبة، ولم يثبت فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا عن القرون المفضلة، فاعتقاد المسلم أن هذا التقسيم سنة قد يدخل في دائرة البدعة، فلا بد من التنبّه لذلك.

5⃣ أول من خصّ العشر الأواخر بصلاة القيام هو الشيخ عبد الله الخُلَيفي إمام الحرم المكي قبل حوالي 70 سنة، ولا أعلم أحدا فعله قبله، وقد تتابع على ذلك أئمة الحرم حتى يومنا هذا، حتى ظن الناس أن هذا الأمر سنة ثابتة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا، وهو ظنٌّ غير صحيح، وهذا الفعل إن كان القصد منه تأخير باقي ركعات التراويح حتى يتعشى الناس ويرتاحون، أو يتسوّقون، أو ينامون ثم يعودون لأجل تطويل القراءة في الصلاة فلا بأس، وأما إن قصدوا أن هذه التقسيم سُنّة، وأنهم يفعلون ذلك تحريا للسنة ففعلهم غير مشروع.

6⃣ المداومة على صلاة القيام (وخاصة في الحرمين) جعل أكثر الناس، بل حتى بعض طلاب العلم يعتقدون أنها سنة مستحبة، فينبغي لأئمة المساجد أن يفعلوها أحيانا ويتركوها أحيانا، أو يفعلوها في بعض السنوات ويتركوها في سنوات أخرى، وأن ينبهوا المصلين على ما ذكرناه، ويمكن أن تتفق المساجد المتجاورة على أن يصلي بعضهم التراويح كلها بأول الليل مراعاة لكبار السن، ومن لا يحب السهر، وبعضهم يصلي القيام.

7⃣ الأولى عدم تغيير عدد الركعات في العشر الأواخر، بل يستمر الأئمة على العدد الذي بدأوا به صلاة التراويح من أول رمضان، سواء كانوا يصلون 11 ركعة، أو 23 ركعة، وليجعلوا بعضها أول الليل، والباقي آخر الليل إن أرادو؛ لأن تغيير العدد في العشر الأواخر من أسباب ترسيخ الاعتقاد أن للعشر الأواخر صلاتين مختلفتين، ولا بأس أن يطيلوا القراءة إن أرادوا، ومن الخطأ ما يفعله بعض الأئمة من صلاة الوتر مرتين، بأول الليل وآخره، يقوم بذلك شخصان مختلفان، فإن هذا الفعل لا يصح، ولا أصل له، بل يكتفون بصلاة التراويح ما دام قد أوتروا أول الليل.

8⃣ ينبغي للإمام أن يستشير المصلين في أول العشر الأواخر إن كانوا يحبون العودة لصلاة القيام أو يكتفون بالصلاة في أول الليل، ولا ينبغي فرض صلاة القيام عليهم.

والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة قناة فتاوى د. يوسف الرخمي على (تليجرام): افتح الرابط ثم اضغط اشتراك
http://t.me/alrkhme