مسجد الجامع الكبير في مدينة الشحر بالجمهورية اليمنية ٢

مسجد الجامع الكبير في مدينة الشحر بالجمهورية اليمنية ٢



#مسجد (الجامع الكبير) في مدينة الشحر بالجمهورية اليمنية.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد في قلب مدينة الشحر بمحافظة حضرموت المطلة على البحر العربي وهي من المدن التأريخية في حضرموت الواقعة في شرق اليمن.

يعد من أقدم المساجد في شرق اليمن إن لم يكن أقدمها على الإطلاق، حيث تختلف الروايات حول أي المسجدين أقدم هذا المسجد أو مسجد هارون الرشيد في مدينة شبام!

يروى بأنه مسجد الشحر تأسس في السنة العاشرة من الهجرة، وأن من أسسه هو قبيلة كهلان التي تعد من فروع قبيلة كندة التي سكنت هذه المنطقة وعرفت محلتها بالقرية التي صارت من أحياء مدينة الشحر وما زال الحي يحمل اسم القرية!

وجرت عدد من الصيانات والتجديدات للمسجد، ومنها ما جرى في سنة ٢٠٧ هجرية على يد الشيخ محمد عبدالعليم باصديق، وما تم في سنة ٥٧١ هجرية على يد الفقيه عبدالله بن سعد الشحري، وما حدث سنة ٧٨٢ هجرية على يد الأمير الرسولي محمد بن الحاجب القضاعي، وما وقع في سنة ٨٤٦ هجرية على يد الشيخ أحمد بن قضيمتي، وهي نفس السنة التي أقام فيها مسجده بالشحر، وما وقع سنة ٩٠٠ هجرية على يد القاضي عبدالله بن محمد بن عبسين.

وتواصلت الإصلاحات والتوسيعات للمسجد من قبل علماء ومسؤولين، ففي سنة ٩٣٤ هجرية تولى عبدالله بن عبدالرحمن بن الفقيه والشيخ إسماعيل الكرعمي توسيع المسجد من الناحيتين الشرقية والشمالية وزادا عدد جوابيه، وأضافا إليه مصلى خاصا بالنساء.

وفي سنة ١٢٢٠هجرية أعاد عمارته ووسع رقعته السيد حسين بن محمد بن سهل وشيّد له منارة شاهقة، وفي سنة ١٣٨٥هجرية أعيد بناء المسجد بناء حديثا وفق قواعد العمارة الحديثة وذلك على يد الشيخ عبدالقادر بن محمد العماري، وفي سنة ١٤١٦ هجرية وجه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بترميمه والقيام بسقف الصرح المكشوف وتوسيع القسم الخاص بالصلاة اليومية.

يمتلك المسجد الكثير من الملامح الجمالية في التصميم والمعمار والهندسة الداخلية؛ حيث يمتلك واجهة جميلة ومدخلا جذابا، لكن أجمل ما فيه هي مئذنته التي صممت وفقا للمعمار السائد في حضرموت مع لمسات يبدو أنها اقتبست من جنوب شرق آسيا ومن شرق إفريقيا، حيث يصول الحضارمة ويجولون في هاتين المنطقتين من العالم!

يعد المسجد ذا قيمة تأريخية وفنية كبيرة، ويحتل مكانة متميزة في الوجدان الحضرمي ولا سيما في هذه المدينة، ويقوم بدور ثقافي واجتماعي عريض في حياة أبناء هذه المدينة التي يحتضنها البحر العربي وترنو بعينيها إلى المحيط الهندي وما يحتضن من جزر وما توجد وراءه من أوطان!

x