من لهجات ريمة اليمن ظاهرة قلب تاء الفاعل والمخاطب إلى كاف

من لهجات ريمة اليمن ظاهرة قلب تاء الفاعل والمخاطب إلى كاف



من لهجات ريمة:ظاهرة قلب تاء الفاعل والمخاطب إلى كاف في اللهجة الريمية

بحث/ علي أبوظله

................................

من أشهر الظواهر اللهجية في ريمة اليمن ظاهرة قلب تاء الفاعل والمخاطب إلى كاف, يقولون: فعلك وعملك وقلك, يريدون: فعلت وعملت وقلت.

وهي ظاهرة لهجية فصيحة تقلب فيها تاء الفاعل والمخاطب إلى كاف.

وأصلها يعود إلى حمير, قال نشوان الحميري:(وُجد مسند بحقل قتاب فيه: (أنا شمعة بنت ذي مراثد ‌(كُنْكُ ‌إذا ‌وُحُمْكُ)... الخ. تقصد: كنتُ إذا وحمتُ. وهذا بلهجة حمير(1).

وروى أبو حاتم السجستاني أنه قال يماني مرة بلغته: ‌سؤك ‌به ‌ظنا وأنا به عريف، يريد: سؤت به ظنا وأنا به عارف.

وفي اللغة العربية وقع أبدل الكاف من التاء كما هو شائع في اللهجة الريمية حالياً، قال ابن جني في سر الصناعة: أبدل الكاف من التاء لأنها أختها في الهمس(2), وهو مذهب شيخه أبي علي الفارسي الذي يرى أنه من إبدال الحرف مكان الحرف إبدالاً تصريفياً(3), وقال أبو الحسن الأخفش: إن شئت قلت: أبدل من التاء الكاف لاجتماعهما في الهمس، وإن شئت قلت: أوقع الكاف موقعها، وإن كان في أكثر اللغات للمفعول لا للفاعل، لإقامة القافية، ألا تراهم يقولون: رأيتك أنت، ومررت به هو، فيجعل علامات الضمير المختص بها بعض الأنواع في أكثر الأمر موقع الآخر(4).

وقال ابن عصفور: (وأُبدلت الكاف من تاء ضمير المخاطب في "فَعلْتَ" فقالوا: فَعَلْكَ)(5).

وذكر أبوهلال العسكري وغيره أن سحيم كان إذا أنشد شعرا جيدا قال: ‌أحسنك ‌والله، يريد: أحسنتَ(6).

وقال ابن الحاجب في الشافية: وجاء الكاف بدلاً من التاء(7), وقال الزجاجي في أماليه الكبرى في بحث إبدال الحروف بعضها من بعض، قال في باب التاء والكاف في المكنى: " يقال: ما فَعَلْتَ وما فَعَلْكَ(8).

وقد روي لنا في العربية، شيء من هذا في القديم، فقد قال راجز في حمير:

يا ابن الزبير طالما عصيكا

وطالما عنيكنا إِلَيْكَا

لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكا(9)

وزاد ابن الأثير في الكامل: لَتُجْزَيَنَّ بالذي أتيكا(10)

يعني: عصيتَ وعنيتَ وأتيت, قال ابن مالك: فجعل الكاف نائبة عن التاء. ولأن نيابة الموضوع للرفع موجودة في نحو: ما أنا كأنت، ومررت بك أنت، فلا استبعاد في نيابة غيره عنه(11), قال الأشموني: وأمثال هذا من الحروف المبدلة من غيرها كثيرة. وإنما ينبغي أن يعد في الإبدال التصريفي(12).

وقال الزجاجي: روي عنيكنا بدل التاء كافا ، ثم عصيكا وعنيتنا إليك بمعنى أتعبتنا بالمسير إليك(13).

ووردت هذه الظاهرة في غير اللهجة الريمية في بعض الكلمات في مصر, قال تيمور باشا: العامة بمصر وُجد فيهم من يقول: (أنْكَ) في أنْتَ، و (كَنْدة) في تَنْده فيقلبون التاء إلى كاف(14).

قائمة المصادر والمراجع:

1-شمس العلوم للحميري(8/5102), الاكليل للهمداني(8/182), وينظر كتاب ملوك حمير وأقيال اليمن ص160,

2-سر صناعة الإعراب لعثمان بن جني(1/290)

3-ينظر شرح الشافية للرضي الاستراباذي(3/202), مغني اللبيب لابن هشام ص273, وينظر شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي(3/348),

4-شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي(3/348), وينظر التذييل والتكميل لأبي حيان الأندلسي(4/360), وينظر شرح الأشموني لألفية ابن مالك(1/294)

5-الممتع في التصريف لابن عصفور ص275,

6-ديوان المعاني لأبي هلال العسكري(2/166), وينظر الممتع في التصريف لابن عصفور ص275, وشرح الشافية للرضي الاستراباذي(3/202), ونهاية الأرب لشهاب الدين النويري(2/261), المقاصد النحوية للعيني(4/2127), خزانة الأدب للبغدادي(4/427),

7-شرح الشافية للرضي الاستراباذي(3/202),

8-ينظر أمالي الزجاجي ص236.

9-البيت لراجز من حمير كما قال أبو زيد في نوادره، وهو في المقرب (2/ 182)، ونوادر أبي زيد (347)، والتذييل (4/ 360)، والمقاصد النحوية للعيني(4/2127), الجنى الداني ص468, وشرح التسهيل للمرادي (1/ 409)، وتعليق الفرائد (1049)، وشرح الرضي على الكافية (1/ 294)، وشرح الشافية للرضي (3/ 203)، وشرح شواهد الشافية (4/ 425)، والخزانة (2/ 257)، والمغني (1/ 153)، والعيني (4/ 519)، والأشموني (1/ 267).

10-الكامل في التاريخ(3/400), وينظر المقفى الكبير للمقريزي(4/213).

11-شرح التسهيل لابن مالك(1/397)

12-ينظر شرح الأشموني لألفية ابن مالك(4/85)

13-أمالي الزجاج ص236.

14-معجم تيمور الكبير(1/39).

x