المسجد الكبير في مدينة شبام كوكبان بالجمهورية اليمنية 1

المسجد الكبير في مدينة شبام كوكبان بالجمهورية اليمنية 1



#(المسجد الكبير) في مدينة شبام كوكبان بالجمهورية اليمنية.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد في وسط مدينة شبام كوكبان التي تتبع محافظة المحويت الواقعة في غرب العاصمة اليمنية صنعاء.

يرتبط هذا المسجد بتأريخ الدولة اليعفرية التي حكمت اليمن من سنة ٢٢٥ إلى سنة ٣٩٣ هجرية، واتخذت من مدينة شبام عاصمة لها. وللأسف فإن تأريخ بناء المسجد غير معروف على وجه الدقة، لكنه يسود اعتقاد بين الباحثين أنه يعود إلى ما قبل عام ٣٠٠ هجرية (٩١٣م)، ويرجح أن بانيه هو الأمير اليعفري أسعد بن أبي يعفر (٢٨٢ - ٣٣١هـ).

وقد تعرض المسجد للخراب في بعض عهود الحكم الإمامي، لكن العثمانيين أعادوا ترميمه وتجديده أثناء حكمهم لليمن، ومن المرجح أن المئذنة قد بنيت في عهدهم.

يتربع المسجد على ربوة مرتفعة، ويتم الصعود إليه عبر سلالم حجرية من الناحية الشرقية، ويتم الولوج إليه من خلال ٣ أبواب رئيسية في الجهات الشرقية والغربية والجنوبية.

هذا المسجد هو الأكبر في هذه المدينة العريقة، ويبدو أن تصميمه قد تأثر بتصميم المسجد الكبير في مدينة صنعاء. ويتكون من صرح مكشوف و٤ أروقة، لكن الصرح محجوب عن الأروقة بجدار مرتفع ويتم الدخول إليه عبر بابين منفصلين في الشمال والجنوب وباب آخر يربطه بأحد الأروقة.

وفي الجهة القبلية من الصرح يقع المصلى الرئيسي(الرواق القبلي)، ويتكون من ٤ بلاطات تفصل بينها ٣ صفوف من الأعمدة الاسطوانية المرتفعة، ويصل عددها إلى ٢٧ عمودا؛ إذ يحتوي كل صف على ٩ أعمدة. ومن الواضح أنه يتسع لعدد كبير من المصلين، بجانب الصرح المكشوف والأروقة الثلاثة، مما يوصل سعته إلى آلاف المصلين!

ويتكون كل من الرواقين الشرقي والغربي من بلاطتين يفصل بينهما صف من الأعمدة، أما الرواق الجنوبي فيتكون من ٣ بلاطات.

يتميز المسجد بمئذنته العالية التي تعد من النماذج الرائعة للطراز اليمني في بناء المآذن، وتوجد في الناحية الجنوبية الشرقية، ويتكون بدنها من عدة أقسام، فهي تقوم على قاعدة مربعة شيدت من حجر أسود يسمى حجر الحبش، والجانب الذي يعلوها وهو الأكبر يتكون من شكل اسطواني رائع يشمل المئذنة كلها باستثناء حوضها الذي يشكل ذروتها، وتزدان بزخارف جصية بيضاء زينت بدن المئذنة المبنية من الطوب الأحمر ما عدا القاعدة المبنية من الحجر الأسود كما أسلفنا. وتتكون الزخارف والنقوش من أشكال هندسية مضفورة وخطوط كتابية بخط النسخ!

يمتلك المسجد قدرا من الجاذبية في الداخل؛ بسبب ما تتخلله من نقوش وزخارف نباتية وهندسية أنيقة، مع تزيين مساحات واسعة بآيات من القرآن الكريم، ويمتلك محرابين، ويتوسط المحراب الرئيسي جدار القبلة، وينتصب على عمودين يحملان عقدا، وقد طلي باطن المحراب بالجص المزين بعناصر زخرفية على هيئة محارة ووريدات ثلاثية متعددة، ويعلوها شريط كتابي نصه {كل ما دخل عليها زكريا المحراب}.

وإلى يمين هذا المحراب يوجد محراب آخر ينتصب على عمودين مختلفين، ويعلوه شريطان مكتوب فيهما آيتان من القرآن الكريم بخط جميل.

ويبدو من استعراض تأريخ المبنى أنه مسجد سني بامتياز، حيث بدأ به اليعفريون وختمه العثمانيون، والبصمة الوحيدة للدول الإمامية هي بصمة طائفية، حيث يعلو تيجان الأعمدة عقد مقوس، كتبت عليه عبارة "الحسين صفوة الله"!

x