مسجد (الأسرة العمرية) في مدينة داكار بجمهورية السنغال.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد على كورنيش الغرب في مدينة داكار عاصمة جمهورية السنغال الواقعة في غرب إفريقيا.
ويسمى أيضا بالمسجد العمري نسبة للشيخ عمر فوتو تال الذي يعد من كبار رموز الصوفية في السنغال، وكان زعيما دينيا ومصلحا اجتماعيا في زمنه، ولعب دورا محوريا في إصلاح أوضاع المجتمعات المحلية ومحاربة الاستعمار والجهل، ونجح في إقامة إمارة إسلامية واستمر في حكمها إلى أن توفي سنة ١٨٦٤م.
وقد قام ببنائه ثيرنو مونتاجا تال وهو من أحفاد الشيخ عمر تال لكنه مات قبل أن يكتمل البناء ليجري الافتتاح في عام ٢٠٠٧م.
وكشفت التقارير الهندسية بأن المسجد تأثر بشدة بالتآكل الساحلي، وأنه يعاني من تشققات خطيرة مما حدا بالأسرة العمرية للإعلان في عام ٢٠٢١م عن القيام بهدم المبنى وإعادة بنائه من جديد وفق طابعه المعماري المميز، كما رأيت في المجسم الخاص بالمسجد الجديد، داعين إلى إسهام الجميع في البناء، وقالوا بأن العمل سيستغرق ١٨ شهرا فقط وأن بيتهم الكبير سيكون جاهزا لاستقبال المصلين حتى يتم افتتاح المسجد!
وكان أحد رموز هذه الأسرة الصوفية قد اختفى سنة ١٩٨٠م، فقام أتباعه بعمل لقاء جماهيري باسمه كل عام في الخمس الأيام الأخيرة من شهر يناير منذ عام ١٩٨١م، وبعد ما تم بناء هذا المسجد الكبير كان اللقاء يتم فيه!
ويبدو هيكل المسجد مثل أكبر مساجد الطرق الصوفية في السنغال، فقد جمع بين ضخامة المبنى مع فخامة التصاميم الهندسية وجمال التفاصيل الفنية.
وتنتصب في أركانه الأربعة ٤ مآذن ضخمة، سواء في ارتفاعها أو عرضها؛ إذ أن لكل مئذنة في الواجهة الرئيسية ٣ شرفات وفي الجهة الأخرى شرفتين، وتأتي كل شرفة بحجم غرفة كبيرة، آخذة شكل المربع بنوافذها المنفتحة على الجهات الأربع، وفي قمة كل واحدة منها توجد قبة ذات لون أخضر داكن بصورة مميزة.
يتمدد هذا المسجد الكبير على مساحة واسعة من الأرض بالقرب من سواحل المحيط الأطلسي، ويمتلك مساحات أخرى واسعة داخل فنائه المسور، حيث تجري الصلاة في أنحاء منه عند اشتداد الزحام في المواسم، وخصصت مساحات أخرى كمواقف للسيارات، وفي وسط المبنى يوجد ضريح الشيخ الذي تنتسب له هذه الأسرة.
وبالجملة فإن المسجد يشكل تحفة معمارية متميزة تماما عن كل مسجد أخذناه، ولا سيما في التفاصيل التي تحتويها تصاميم المآذن!
