مسجد عقبة بن نافع في مدينة أم البواقي بالجزائر 2

مسجد عقبة بن نافع في مدينة أم البواقي بالجزائر 2



#مسجد (عقبة بن نافع) في مدينة أم البواقي بالجزائر.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد الضخم في مدينة أم البواقي التي تستوطن شرق العاصمة الجزائرية وتبعد عنها بمسافة ٥٠٠ كم، وهي عاصمة ولاية تحمل نفس الاسم.

أصل هذا المسجد قديم، وأدى تقادمه إلى انطلاق عملية كبيرة لصيانته سنة ١٩٨٦م، غير أن عراقيل عدة أوقفت العمل عدة مرات، وتسببت البيروقراطية في تأخير الإنجاز لعدة عقود، والغريب أن هذا الأمر تكرر مع عدد من المساجد الكبرى في الجزائر بحسب متابعتي لأهم المساجد هناك، وقد افتتح المسجد آخر شهر مارس عام ٢٠٢١م.

هذا المسجد هو الأكبر في ولاية أمّ البواقي، ومن أكبر المساجد على مستوى الجزائر كلها؛ فقد انبنى على مساحة تبلغ ٥٣٠٠م٢، ويتكون من ثلاثة طوابق، خصص الطابق الذي تحت الأرض كمواقف للسيارات ويتسع لأكثر من ١٠٠ سيارة، وفي الطابقين الآخرين يوجد المسجد وملحقاته.

يتكون المسجد من مصلى كبير للرجال يتسع لحوالي ٧٠٠٠ مصل، ومصلى للنساء يستوعب ١٠٠٠ مصلية، ويوجد صرح مكشوف وسط المبنى يمكن أن يستوعب أعدادا إضافية عند الحاجة، كما رأيت في الصور والفيديوهات الخاصة بالمسجد، وهذا يعني أنه يستوعب أكثر من ٨ آلاف مصل من الرجال والنساء. ويتضمن المبنى قاعة محاضرات كبيرة، ومدرسة دينية تتضمن عشرة فصول فسيحة لتدريس علوم القرآن وأساسيات علوم الشريعة، وبلغت تكلفة التشييد والتجهيز أكثر من مائة مليار سنتيم.

وبهذا فإن المسجد يستحق لقب المسجد القطب الذي أطلق عليه من قبل كثيرين، ولا سيما حينما يصبح المركز الثقافي الذي يجاوره جاهزا للقيام بوظائفه بجانب المسجد، بحيث يتضافران في صناعة الوعي المنشود؛ حتى يصبح رواد المسجد أرقاما متميزة في الفاعلية الذاتية وصناعة الحياة!

وكان وزير الشؤون الدينية قد ذكر عند افتتاح المسجد بأنه "تحفة معمارية رائعة بطراز مغاربي، (وأنه) سيعتني بالمرجعية الدينية وبالتعليم القرآني من خلال إطارات الولاية".

ومن خلال مشاهدتي للفيديوهات التي تصور أرجاء المسجد، فقد اعترتني الدهشة من كمية الجمال الموجودة في هذا المسجد الفخم، وأدركت أنه تحفة هندسية وفنية نفيسة. ويواجهك المسجد بضخامته من بعيد عبر هيكله الكبير ومئذنتيه الشاهقتين، أما الفخامة فتستقبلك عند المدخل الرئيسي للمسجد والذي يتكون من ثلاث بوابات ضخمة وكل بوابة ينفتح منها عدد من الأبواب الجميلة!

وبلا شك فإن المسجد آية جمالية مذهلة؛ بتصميمه المغاربي الجامع بين الأصالة والمعاصرة، وبمنارتيه الصاعدتين في جو السماء بشموخ ودلال مبهرين، حيث يمكن التعرف على خارطة هذه المدينة من شرفتي المنارتين، وبقبابه الثلاث ذوات الحجم الكبير والقباب الصغيرة. وتنفتح العديد من أبواب المسجد على صرح مكشوف بطريقة تنم عن أناقة واضحة، وترتص عدد من الأعمدة الاسطوانية التي تعلوها أقواس جميلة، وفي وسط الصرح يوجد حوض ماء كبير، وتتخلله ٤ نوافير رائعة!

ويتسم الجمال الداخلي للمسجد باناقة باذخة، حيث أن الزخارف والنقوش قد عُملت بإتقان بالغ، ولم تترك أي مساحة من السقوف والجدران دون أن تزينها بطريقة مذهلة، ولا سيما القباب والمحراب والمنبر، وأسهمت الخطوط العربية في هذا المهرجان الفني الجميل، عبر تسطير بعض الآيات وأسماء الله الحسنى واسم الرسول في أماكن مختارة بعناية!

x