مسجد تيبو سلطان في مدينة ميسور بجمهورية الهند

مسجد تيبو سلطان في مدينة ميسور بجمهورية الهند



مسجد (تيبو سلطان) في مدينة ميسور بجمهورية الهند.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد داخل حصن تأريخي شهير في ضاحية من الضواحي الشمالية لمدينة ميسور وعلى مسافة ١٨كم.

كانت ميسور مملكة ذات قوة عسكرية بارزة، وخضعت لسيطرة القائد العسكري حيدر علي، والد تيبو سلطان. وفي عام ١٧٨٢م، تولى تيبو سلطان حكم هذا الحصن بجانب ولايته لعهد أبيه حيدر علي، فشيد التحصينات ودرب الجنود على الفروسية، وكان شديد العداوة للاحتلال البريطاني الذي كان يقضم الهند قطعة قطعة، وحاول غزو تيبو مرات عدة لكنه فشل كل مرة.

وفي تلك الأثناء بنى تيبو سلطان هذا المسجد داخل الحصن لإكساب الجنود القوة المعنوية بجانب القوة المادية المكتسبة من التدرب وامتلاك الخطط والأسلحة والمهارات القتالية، وبالتحديد خلال الفترة ما بين ١٧٨٤ و ١٧٨٧م، وبني المسجد بالقرب من قصره، حيث كان يتقدم جنوده ليصلي بهم الفروض الخمسة، فكان قدوة لهم في العبادة والشجاعة والتضحية، مما جعلهم يستبسلون في مواجهة الاحتلال الإنجليزي رغم فارق التسليح، ومن هنا فقد نجح في هزيمة جيش الغزاة عدة مرات، فلجؤوا للغدر به حيث تم اغتياله من قبل عميل هندوسي، ومن هنا فإن تبو بطل عند الوطنيين الهنود من كل الأديان ويدرس تأريخه في كتب التأريخ المدرسية، ولكن في ظل حكم اليمين الهندوسي المتطرف هناك مطالبات بحذفه من المناهج، بل وذهب بعض المتطرفين إلى مطالبة القضاء بتسليم المسجد للهندوس بزعم أنه بني محل معبد هندوسي اسمه هانومان!

يتميز المسجد يعمارته الفريدة، حيث اندمجت فيه عدد من الفنون المعمارية لمسلمي الهند مع لمسات عربية خفيفة، ويزدان بمئذنتين رائعتين تشمخان في جو السماء، ومن شرفاتهما يستمتع الزوار والسواح برؤية أرجاء الحصن الكبير ومشاهدة نهر كافيري وما يحيط به من لجج خضراء، ومن الملاحظ أن نوافذ المئذنتين ضيقة جدا، فقد فرضت حالة الحرب نفسها على عملية البناء، وكأن المسجد جزء من القلعة الحربية!

يمتلك المسجد ثلاثة نقوش باللغة الفارسية، التي يعتبرها المسلمون الأعاجم في آسيا لغة الإسلام الثانية بعد اللغة العربية كما لمست ذلك في الهند وباكستان وتركيا، ويورد أحد النقوش تسعة أسماء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويذكر نقش آخر طريقة تيبو سلطان في بناء المسجد!

وبسبب قيمة المسجد التأريخية والفنية فإنه مدرج ضمن قائمة التراث الهندية، وتتم صيانته وإدارته من قبل دائرة بنغالور للمسح الأثري للهند.

ومن الواضح أن المسجد كبير، فهو يتمدد على مساحة كبيرة من الأرض، ويتكون من طابقين ويتسع لعدد كبير من المصلين، ويتضمن مدرسة وغرفا سكنية للطلاب الدارسين.

x