مسجد إب الكبير أو المسجد العمري في مدينة إب بالجمهورية اليمنية

مسجد إب الكبير أو المسجد العمري في مدينة إب بالجمهورية اليمنية



مسجد (إب الكبير) أو (الجامع العمري) في مدينة إب بالجمهورية اليمنية.

أ.د.فؤاد البنا

يستوطن هذا المسجد العريق وسط مدينة إب الخضراء، ويعتلي ربوة مرتفعة في الحي القديم، حيث يصل إليه قاصدوه عبر سُلّم حجري.

ومن المؤكد أنه واحد من أعرق مساجد اليمن، لكن هناك اختلاف حول تأريخ تأسيسه، فهناك روايات عديدة حول تأسيسه، وأشهرها التي تعيد تأريخ التأسيس إلى عصر الخلافة الراشدة وبالذات خلافة الفاروق عمر بن الخطاب، إذ يؤكد أصحاب هذه الرواية أن عمر هو من أمر ببنائه؛ ولذلك فإن المسجد يحمل اسم المسجد العمري أو الخطّابي، وعلى هذه الرواية فإن عمره يصل إلى حوالي ١٣٠٠ سنة، ويكون ضمن أقدم خمسة مساجد في اليمن!

ومثل كل المساجد القديمة فقد انقلب مسجد إب الكبير من طور إلى طور، وتعرض لصيانات وتوسيعات عديدة، ومن التجديدات الموثقة ما فعله الحسين بن سلامة في بداية القرن الخامس الهجري (ق. ١١م).

وتنسب مصادر عديدة معظم المساحة المعمورة للمسجد إلى عصر الدولة الرسولية التي تركت آثارا عظيمة في اليمن كلها، ويروى بأن من شيد معظم المعمار القائم اليوم هو أسد الدين بن الحسن بن شمس الدين بن علي بن رسول في القرن السابع الهجري (ق.١٣م).

ويؤكد هذا الأمر أن منارة هذا المسجد تحتفظ في أسفلها بلوحة خشبية مسجل عليها تأريخ إنجازها وهو سنة ٦٨٥ هجرية (١٢٨٦م).

ومن أهم التجديدات التي جرت للمسجد ما حدث في القرن التاسع الهجري في أيام السلطان عامر بن عبد الوهاب الذي يعد أعظم سلاطين الدولة الطاهرية، وجدد أيام الدولة العثمانية وبالتحديد أيام الوزير العثماني في اليمن حسن باشا وذلك في سنة ٩٦٦ هجرية (١٥٨٨م)، كما جاء في حشوة خشبية معلقة على جدار القبلة.

وقد تعرض المسجد للإهمال في الفترات التي حكمت فيها دول الإمامة الزيدية، باستثناء ما حدث من القاضي أحمد السياغي حينما كان نائبا لأمير إب الحسن بن يحيى حميد الدين، من باب تهدئة السخط الذي كانت تشهده إب أكثر من غيرها من مناطق اليمن، نتيجة ظلم الأمير الذي هو ابن الإمام، وللقضاء على نشاط الثوار الكبير فيها بقيادة القاضي عبدالرحن الإرياني وحسن الدعيس الذي صار فيلسوف الثورة الدستورية بعدها بسنوات والقاضي الأكوع!

يتكون المسجد من صرح مكشوف تحيط به ٣ أروقة بجانب المصلى الرئيسي الذي يقع في الجهة الشمالية، ويتم الولوج إلى المسجد من خلال ٣ مداخل!

وترتفع منارة شاهقة وذات تصميم متميز في أحد أطراف المبنى، وللأسف فقد خسرتها إب كلها وليس المسجد فقط، حيث تسبب الإهمال مع غزارة الأمطار في سقوطها عام ٢٠١٥م ليصير أكبر مسجد في واحدة من أهم محافظات اليمن من دون مئذنة، لكن أهالي المدينة استفزهم هذا الوضع فقاموا بإعادة بنائها على حسابهم بنفس نمط المئذنة التي سقطت !

ويتزين سطح المسجد بخمس عشرة قبة وتتوسطه قبة كبيرة ذات جمال آسر بما تمتلك من تصميم جذاب ونقوش باذخة الجمال في الداخل، ولا تضاهيها في نقوشها وألوانها إلا المدرسة العامرية في مدينة رداع والمدرسة الأشرفية في مدينة تعز!

ويمتلك المسجد منبرا خشبيا عريقاً يعود إلى سنة ٨٠٦ هجرية (١٤٠٣م)، وهذا يعني أن عمره يصل إلى ٦٣٨ سنة!

صليت في هذا المسجد وأنا طالب في الثانوية، فأحسست فيه بروحانية عالية وما زال عبقه التأريخي يعطر أنفي!

x