مسجد (السنانية) في مدينة دمشق عاصمة الجمهورية العربية السورية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في منطقة باب الجابية بمواجهة سوق باب السريجة في مدينة دمشق التي تزخر بمئات المساجد القديمة. ويسمى أيضا بمسجد سنان باشا وهو الذي تولى بناءه.
بني في عصر الدولة العثمانية وذلك سنة ٩٩٨ هجرية الموافق لسنة ١٥٩٠م، وقد بناه والي دمشق سنان باشا الذي ينحدر من أصل ألباني ويعد من أعظم ولاة الدولة العثمانية، فقد فتح اليمن وحكم الشام وتولى منصب الصدر الأعظم في الدولة بضع مرات، وجرى تشييده في موقع مسجد قديم كان يسمى مسجد البصل الذي كان من أقدم مساجد دمشق.
وبلا شك فإن مسجد سنان لم يبق على حاله الذي بني عليه منذ أكثر من أربعة قرون، فلا بد أنه قد تعرض لمشاكل عديدة كما حدث سنة ١٩٢٥م حينما تعرض لقصف من قبل القوات الفرنسية الغازية لسوريا، وبالطبع فقد حظي بصيانات متعددة مما أبقاه جميلا وصالحا لإقامة الصلاة مع استمرار عبق التأريخ وأريج الروح في التصاعد من المكان الذي مر عليه كثير من أصحاب النفوس الشفافة والأرواح المحلقة في آفاق التزكي السامي!
ومع أن البناء جرى في عصر الدولة العثمانية ومن قبل وال عثماني، لكنه جرى وفق الطابع المعماري الغالب في مدينة دمشق وفي سوريا عامة، حيث المزاوجة في البناء بين الحجر الأسود والأبيض، والقبة التي تأخذ شكل نصف كرة متوسطةً المصلى الرئيسي مع لمسات عثمانية واضحة، ورغم تفرد المئذنة بين مآذن دمشق فإن الأثر الأموي باد فيها بوضوح ولا سيما في القمة حيث الشرفة الواحدة التي يعلوها رأس قلمي يشبه المآذن العثمانية!
وتوضح الصور أن المبنى يمتلك صرحا مستطيل الشكل، وقد جرى تبليطه بالرخام والحجارة البيضاء والسوداء، وتتوسطه فسقية ماء، وهي الصورة السورية من الموضأة العثمانية، وتتسم بشكل ثماني وجرى بناؤها بألواح من الرخام وطوقت بعقد رخامي أنيق، وكان الماء يصل إليها من نهر القنوات وهو أحد فروع نهر بردى الذي اشتهرت به دمشق طيلة تأريخها!
توضح الصور أن المسجد تحفة فنية نفيسة في الداخل والخارج، لكن آثار الإهمال واضحة للعيان مثل سائر مساجد الشام، وقد سلبته جزءا من جماله!
