مسجد (الرضا) في مدينة عدن بالجمهورية اليمنية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في ناصية بارزة تطل على شارعين من شوارع حي المنصورة الواقع في قلب مدينة عدن، التي تعد العاصمة الاقتصادية للجمهورية اليمنية وأهم موانئها البحرية.
جرى وضع حجر الأساس له في منتصف الستينات من القرن المنصرم من قبل الشيخ محمد بن سالم البيحاني أكبر علماء عدن في ذلك الزمان، وتم افتتاحه سنة ١٩٦٧م وهو نفس العام الذي تحقق فيه الاستقلال للشطر الجنوبي من اليمن عن الاحتلال الإنجليزي. وكان قد تولى تحمل تكاليف بنائه عدد من التجار الخيرين في عدن، وكان في مقدمتهم أحمد علي مهدي الإبي وعبد الملك أسعد.
غير أن المسجد بعد نحو ٣ عقود من الزمن تقادم وعجز عن استيعاب المصلين الذين تضاعفت أعدادهم، فقامت الجمعية الخيرية لهايل سعيد أنعم وشركاه بهدمه وبنائه من جديد ليتم افتتاحه سنة ٢٠٠٠م.
حاولنا التعرف على المعلومات الدقيقة عن هذا المسجد من خلال من نعرف في جمعية هايل سعيد لكن انتظارنا طال من غير طائل!
ومن خلال معرفتنا بالمسجد والصلاة فيه لعدد من المرات، يبدو أنه من أكبر مساجد مدينة عدن إن لم يكن أكبرها، فهو يتسع لبضعة آلاف من المصلين في طابقين واسعين.
يمتلك المسجد تصميما شديد الجاذبية وبالغ الجمال، حيث يدلف المصلي أو الزائر من الباب الخارجي للسور فيجد فناء غير واسع؛ بسبب ضيق الأرض وسعة المبنى، ويرى أمامه واجهة جميلة جدا للمسجد، وتنفتح منها بوابة ضخمة ذات تقويسة مبهرة، وبعد تجاوز غرفة المدخل يرى صرحا مفتوحا لكنه غير كبير، ومن ثم يدلف إلى داخل المصلى الرئيسي فيجد الجمال يغمر المكان، وهو حاضر في كافة التفاصيل التي تم إنجازها من قبل فنانين محترفين كما يشي المكان، ابتداء من السقف المرتفع والذي تعلوه ٣ قباب كبيرة وغنية بالزخارف الحسنة المنظر، ومرورا بالنوافذ التي تتنوع بين الرأسية المستطيلة وبين الكروية المدورة، وتزينها قمريات أنيقة ذات زجاج ملون، وكذلك الثريات التي تتدلى من السقف بطريقة مبهرة، ووصولا إلى النقوش والزخارف والخطوط العربية الرائعة التي تم توظيفها بدراية بحيث تملأ المكان بالسحر والمهابة!
ومثل كثير من مساجد عدن يتضمن المسجد مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وتقام فيه حلقات ودروس علمية متنوعة، ومن خلاله تنطلق مجموعات شبابية تقيم صورا من صور التضامن الاجتماعي في وقت ينهش فيه الفقر بأعداد كبيرة من اليمنيين في كل المدن، ومنها مدينة عدن التي تعد ثاني كبرى المدن اليمنية وتطل على خليج بحري سمي باسمها.