(المسجد الكبير) في مدينة انطاكيا بالجمهورية التركية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في وسط الشق العتيق من مدينة انطاكيا الواقعة في جنوب غرب تركيا وعلى مسافة بسيطة من الحدود مع سوريا، وهي عاصمة محافظة هاتاي ولذلك يطلق عليها اسم هاتاي بجانب انطاكيا، وهي القرية والمدينة المشار إليها في سورة يس حسب أقوال أغلب المؤرخين والمفسرين!
يتميز المسجد بمئذنته الشاهقة التي تلفت أعين السياح فتجذبهم إلى زيارة المسجد، ويكتشفون أن خلف كتلة المباني المزدحمة يقبع هيكل مسجدي عريض، ويدلفون نحو الداخل فيجدون تحفة معمارية نفيسة؛ حيث تنتصب الأعمدة الاسطوانية الأنيقة، وتتداخل الأقواس الحجرية لترفع في نهايتها سقفًا ينسكب منه الجمال المعماري، ويزداد انسكاب الجمال من السقف في المساء بسبب تدلي الأضواء من الدوائر الحديدية فتبدو كما لو أنها نجوم تتساقط من السماء!
ومن الواضح أن المسجد كبير ويتسع لأعداد وفيرة من المصلين، وبذلك فإنه يستحق لقب المسجد الكبير، وينبعث منه عبق التأريخ العريق، حيث قامت دول وسقطت ممالك على هوامشه، وبقي هو شامخا يؤدي وظائفه المنوطة به، إذ يوفر ملاذا آمنا للأرواح الظامئة والعقول الحائرة، ويجد فيه صاحب كل حاجة حاجته!
ومن المعلوم أن مدينة انطاكيا أكثر مدينة تأثرت في تركيا بالزلزال الذي وقع منذ قرابة الأسبوعين، حيث دمر ٤٠% من مباني المدينة ولا سيما القديمة، ومنها مساجد وكنائس وعلى رأسها مسجد حبيب النجار الذي عرضناه من قبل وعلى الأرجح هو أقدم مسجد في تركيا كلها وليس في انطاكيا وحدها، أما المسجد الكبير فلم أجد أي مصدر يتحدث عن انهدامه أو نجاته من الزلزال، رغم بحثي الطويل عن ذلك، وعلى كل هو مسجد متين ومداميكه سميكة جدا وأعمدته متينة ومبنية من نوع قوي من الأحجار، وإن نجا فلا غرابة في ذلك، وإن تعرض لأضرار فستجري صيانته ليبقى شاهدا على أمة عظيمة قد يصيبها المرض لكنها لا تموت!
