#مسجد (تاماتاف) في مدينة تاماتاف بجمهورية مدغشقر.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في وسط مدينة تاماتاف التي تعد ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة في جمهورية مدغشقر الواقعة وسط المحيط الهندي بشرق قارة إفريقيا.
تعود علاقة المسلمين بهذه الجزيرة إلى عصر صدر الإسلام، لكن بُعدها عن قلب العالم العربي جعل حضورهم هامشيا باستثناء بعض المراحل، مثل المرحلة التي قويت فيها الدولة العمانية في شرق إفريقيا فقد وصل نفوذهم إلى مدغشقر ولا سيما بعد أن تزوج سلطان عمان حينئذ بملكة مدغشقر، لكن قرونا من الاستعمار البرتغالي والفرنسي ومن التنصير الغربي أعادت الحضور الإسلامي إلى الهامش من جديد!
قام المسلمون في هذه الجزيرة والذين ينحدرون من أصول إندونيسية وعربية وقمرية، قاموا ببناء هذا المسجد لكي ينضم إلى مئات المساجد في هذا البلد الذي تزيد مساحته عن ٦٠٠ ألف كم٢، وأصبح بلدا ذا غالبية مسيحية!
ومن شدة العجب أن تجد فوارق كبيرة في تقدير عدد المسلمين هناك، فبينما تذهب مصادر كنسية إلى أن المسلمين يمثلون ٢% فقط من مجموع السكان الذي يقارب ال ١٨ مليونا، يعتبر مسلمون أن نسبتهم تصل إلى ٢٥%، وبعد محاولة لفحص مختلف التقديرات بدا لي أن أقرب الأرقام للحقيقة هي التي تتراوح بين ١٥ و١٠% من السكان، مع العلم أن هناك نسب بين هؤلاء للشيعة الاثني عشرية والشيعة البهرة والأحمدية القاديانية، وإن كانت صغيرة إلا أنها فاعلة ونشيطة، وللأسف فإن أكبر وأجمل مساجد الجزيرة تتبع هذه الأقليات الطائفية، ولا وجود للرسميين العرب إلا بمسجد صغير بناه ملك المغرب الأسبق محمد الخامس في ثلاثينيات القرن الماضي حينما كان منفياً من قبل الفرنسيين وقام الملك المغربي الحالي بتجديده!
بني المسجد وفق الطراز السائد في شرق إفريقيا والذي يمزج بين الفن العربي والفنون المحلية في هذه المنطقة، ويتضح هذا الامتزاج في الشكل الخارجي للمبنى بصورة لا لبس فيها!
يحرص المسلمون هنا على طلي مساجدهم باللون الأبيض لكونه رمزا لنقاء الإسلام من الشركيات والخرافات، مع تطعيمه باللون الأخضر الذي كان محببا عند النبي صلى الله عليه وسلم، حيث نجد براويز النوافذ وعقودها المقوسة وحواف الأبواب والسقف والجزء السميك من المئذنة كلها مطلية باللون الأخضر!
