#مسجد (طه السقاف) في مدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد بالقرب من قصر الكثيري الشهير، وذلك في قلب سوق شعبي عريق بحي الحوطة، في مدينة سيئون حاضرة وادي حضرموت وصحرائها.
يزيد عمر هذا المسجد عن ٤ قرون؛ حيث تذكر المرويات التأريخية أن من بناه هو الشيخ طه بن عمر الصافي الذي عاش ما بين ٩٥٣ و ١٠٠٧ هجرية، وقد ولد وعاش ومات في سيئون بلد والدته رغم أن أباه من مدينة تريم، ومارس دورا إصلاحيا مشهودا في عمره المتوسط، وكان قد بنى هذا المسجد في حياته فأطلق الناس عليه اسمه، وواصل أبناؤه وأحفاده الحضور الإيجابي في هذه المدينة من خلال آليات عديدة وأهمها بناء المساجد وريادتها، حيث بنوا خمسة مساجد في سيئون، وأبرزها هو هذا المسجد الذي تتابعت ترميماته وتجديداته حتى صار بالحسن الذي نراه عليه اليوم!
يعد هذا المسجد ثاني أكبر مساجد مدينة سيئون، وهو من أهم مساجد الإشعاع الصوفي في منطقة حضرموت، وذلك من خلال ما تسمى ب (علمة الإمام طه بن عمر الصافي) التي تحرص على القيام بدور كبير في صياغة العقول وتزكية الأنفس والارتقاء بالقلوب إلى ذرى الإيمان الذي يجمع أصحابه بين صفاء العقول وسلامة القلوب، من خلال محاضن تعليم القراءة والكتابة، وتعليم القرآن الكريم وعلوم الشريعة، وممارسة الأذكار المقربة من الله، وإقامة المناسبات الدينية بأساليب عصرية جذابة كما يحدث في المولد النبوي!
مما سبق يتضح أن المسجد يقوم بدور روحي وتعليمي كبير، وتتسابق مساجد سيئون على إقامة حفلات ختم القرآن بمظاهر فرحية كبيرة، لكن هذا المسجد يحتل مركز الصدارة بينها، حيث يتم تجهيز ساحة السوق المجاورة للمسجد بالأعلام والزينات والأضواء، ويتم تجهيز فناء المسجد بكل اللوازم لإظهار الابتهاج بختم القرآن الكريم، وعلى هامش حفل الختم تقام مسابقة للأطفال يتبارون فيها في إبراز مواهبهم الإنشادية وابداعاتهم الثقافية، ويتم تحفيزهم عبر جوائز فورية وهدايا قيمة!
ومن الواضح أن المسجد تحفة معمارية جميلة، بتصميمه الحضرمي المتميز، حيث أخذ المبنى شكل المستطيل وارتفع هيكله بشكل جلي، وفي القلب من مقدمته ترتفع مئذنة شامخة بشكلها الجامع بين النمط الحضرمي والنمط الأندلسي، ويبدو القسم المرتفع منها كأنها برج جذاب بقمتها الكروية البيضاء، وتزداد جمالياته بأبوابه الأنيقة ونوافذه الجميلة!
ولا نعرف على وجه الدقة كم تبلغ سعة هذا المسجد، لكن الصور تظهر أنه كبير، ومن ثم فإن من المرجح أنه يتسع لبضعة آلاف من المصلين.