مسجد الفاتح في مدينة دوريس بجمهورية ألبانيا

مسجد الفاتح في مدينة دوريس بجمهورية ألبانيا



مسجد (الفاتح) في مدينة دوريس بجمهورية ألبانيا.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد في مكان مرتفع بقلب مدينة دوريس الجميلة في جمهورية ألبانيا التي تضم أكثرية مسلمة تزيد عن ٧٠% وتقع في قارة أوروبا.

وقد أطلق عليه هذا الاسم نسبة للسلطان العثماني محمد الثاني الذي فتح مدينة القسطنطينية ومناطق شاسعة من أوروبا الشرقية ومنطقة البلقان التي تنتمي إليها ألبانيا.

يعد هذا المسجد معلَم تأريخي ونصب ثقافي فى هذه المدينة، حيث جرى اعتماده رسميا كمعلم ثقافي عام ١٩٧٣م؛ نتيجة عراقته التأريخية وجماله الهندسي؛ ذلك أن تشييده قد جرى عام ١٥٠٢م على أيدي العثمانيين الذين كانوا أقوى وأعظم دولة في العالم في ذلك الزمان!

مرّ المسجد بأحوال وتطورات عديدة، وفي العصر الحديث تعرض للإغلاق من قبل السلطات الحاكمة خلال الحكم الشيوعي الذي تسلط على هذه البلاد المسلمة وطبق النمط الأشد تطرفا وغرابة من الشيوعية على مستوى العالم!

وعندما تراجع منسوب الشيوعية المتطرفة وتحت تأثير ضغوط المجتمع المسلم، أعيد افتتاح المسجد فى السبعينات بعد أن جرى هدم مئذنته، وكان قد تقادم واقترب من التهالك نتيجة شدة الإهمال؛ فأعيد بناؤه بعد انتهاء العصر الشيوعي، وجرى تشييده بطريقة تجمع بين أصالة المعمار الإسلامي وبساطة المعمار الحديث!

يتكون المسجد من ٤ طوابق، ويتميز هيكله بشكله الهرمي إذ أن كل طابق يعلو أصغر حجما من الطابق الذي تحته، وجرى سقف الطابق الرابع بقبة رائعة ذات لون يمزج بين البرتقالي والذهبي، وفي الجوار ترتفع مئذنة شامخة في أعالي السماء وكأنها تصيح بلسان الحال قائلة بما ذكره القرآن: {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض...}!

وزاد من جمال المسجد موقعه المرتفع وشيوع الجمال الخلاب في أكنافه؛ حيث تبسق في جواره عدد من أشجار النخيل، وتحاول عدد من النوافير منافسة النخيل في الصعود نحو الأعلى وكأن الجميع في حالة تنافس مع المئذنة على البسوق، أو كأننا في مهرجان للشموخ والسموق!

ويمكن من شرفة المئذنة أو من جوار القبة الاستمتاع بكل هذا الجمال الذي يتآزر فيه البشري مع الطبيعي لينتج كل هذا الحُسن الأخّاذ الذي لا يملك فيه المرء إلا أن يسبح بجلال الله وجماله ويلهج بحمده والثناء على آلائه التي لا تعد ولا تحصى!

x