مسجد القبلة بولاية ريزا في الجمهورية التركية ١

مسجد القبلة بولاية ريزا في الجمهورية التركية ١



مسجد (القبلة) بولاية ريزا في الجمهورية التركية.

أ.د.فؤاد البنا

يتربع هذا المسجد على قمة جبل يزيد ارتفاعه عن ألف متر ويسمى جبل القبلة وبه سمي المسجد، وسمي الجبل باسم (القِبلة) لأنه قائم باتجاه القبلة وكأنه واقف يصلي، وتمكن رؤيته من الكثير من أقضية الولاية. ويوجد الجبل في قضاء (غوني صو) بولاية ريزا الواقعة في شمال شرقي تركيا، وتقترب هذه الولاية من الحدود مع جمهورية جورجيا وتطل على البحر الأسود المشهور بسحر شواطئه وخلابة المناطق المحيطة به!

جرى تشييد المبنى الأول للمسجد من الخشب، وذلك في القرن التاسع عشر، حينما رأى المسؤولون العثمانيون أن الجبل يتجه نحو القبلة مع وقوعه في منطقة خلابة وتنسلك بالقرب منه إحدى الطرق في البلاد.

وظل يؤدي دوره كمسجد حتى تعرض في عام ١٩٦٠م لحريق يبدو أنه مجهول الأسباب، فأعيد بناؤه من الحجر، لكنه تقادم كثيرا بعد مرور نصف قرن على بنائه الجديد. وفي عام ٢٠١٠م تمت إعادة بنائه بصورة أقوى وأجمل بعد زيارته من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ورغم أن المسجد ليس كبيرا مثل أغلب المساجد التركية التي عرضناها في هذه السلسلة، ومع أن الجبل الذي يقع فيه غير مأهول بالسكان إلا أنه من أكثر المساجد التي تزورها أعداد كبيرة من الناس بمن فيهم سواح غير مسلمين؛ بسبب كمية المؤهلات الجمالية التي يملكها، سواء كانت ثاوية في ذاته أو نابعة من الموقع الموجود فيه والفضاء المحيط به!

وتبدأ مؤهلاته الذاتية بالقاعدة المرتفعة والصلبة التي انبنى عليها، وهي مبلطة بصورة جميلة لتتسع لعدد كبير من المصلين عند وجود الحاجة، وتمر المؤهلات بالسلّم المزدوج الذي يربط الفناء بالطابق فوق الأرضي والذي يتكون جزء منه من شرفات مفتوحة يسقفها سطح جميل يقوم على أعمدة اسطوانية نحيلة ذات أقواس رائعة، ولا تنتهي بالقبة الجذابة التي ترتفع بصورة هرمية مدهشة، ولا بالمئذنة العالية ذات الرأس القلمي المرتفع والشرفة المزينة بالنقوش البديعة والتي يمكن من خلالها امتلاك فرصة أكبر لرؤية أبعد مدى في هذا الجمال الخلاب المنزرع في تلك التضاريس الصعبة!

وإذا كان بالإمكان عدّ عناوين الجمال الذاتي للمسجد، فإن الجمال المتمثل بالموقع والمحيط لا يمكن حصره؛ فالمنطقة تقع في ولاية تطل على البحر الأسود، التي تضم أجمل المناطق التركية وأكثرها إبهارا وإدهاشا، حيث الخضرة المذهلة التي لا تترك موضع إصبع دون أن تفرشه بخضرة الأشجار والنباتات المثيرة للبهجة!

والحقيقة أن كل من زار المسجد يشهدون بأنه تحفة فنية في غاية الروعة والأناقة، ولا غرابة في ذلك فالصور تثير الدهشة فكيف بالواقع؟!

ومما تنبغي معرفته أن إعادة بناء المسجد قد استغرق عاما ونصف العام، وفي ذات الوقت أعيد تأهيل الطريق الموصل إلى المسجد بطريقة بارعة ورائعة، وفي أكناف المسجد أُنشئت مسالك للتنزه على الأقدام، وحدائق واستراحات ومقاهي يمكن للزوار تناول الشاي فيها!

x