مسجد (الجمعة) في مدينة تبليسي عاصمة جمهورية جورجيا.
أ.د.فؤاد البنا
ويسمى أيضا مسجد تبليسي المركزي، ذلك أنه كان أكبر مساجد هذه المدينة، قبل أن تقوم الشيوعية بهدمها أيام الاتحاد السوفييتي، وله اسم ثالث وهو المسجد التتري، نظرا لأن عددا كبيرا من مسلمي هذه البلاد ينحدرون من أصول تتارية!
يقع هذا المسجد في منطقة مرتفعة وسط العاصمة بجوار شلال تبليسي، تلك المدينة الجميلة التي فتحها العرب المسلمون أيام خلافة عثمان بن عفان وظلت تُحكم لقرون طويلة من قبل المسلمين العرب والعثمانيين والفرس.
يعتبر المسجد من أبرز المعالم التاريخية والثقافية في تبليسي، فهو يعود إلى القرن السادس عشر وكان مسجدا شيعيا ف المبتدأ، وحينما فتح العثمانيون المدينة كان المسجد صغيرا فقاموا بهدمه وبناء مسجد جديد مكانه، ويبدو أن هذه الثنائية في التأسيس هي التي جعلت هذا المسجد فريدا من حيث ازدواج هويته اليوم؛ إذ يحوي منبرا ومحرابين ويصلي فيه السنة والشيعة في قسمين متحاورين كما تُظهر الصور، بحكم القوانين الجورجية الصارمة في تحديد عدد دور العبادة مما جعل المسلمين لا يمتلكون مسجدا سواه في العاصمة، بعد أن قام الاتحاد السوفييتي بهدم المساجد التي كانت قائمة في هذه المدينة ولم يترك إلا هذا المسجد الذي اقتسمه السنة والشيعة، ويبدو أن التقارب التركي الإيراني ساعد على إنجاح هذا الأمر!
جرى تشييد المسجد من الطوب وهو يتكون من طابقين الطابق الأول للرجال والثاني للنساء، ويبدو أن تصميمه اقتبس من المعمارين الفارسي والتركي لكن الجانب الأبرز فيه يميل إلى المعمار الجورجي.
يمتلك مبنى المسجد ملامح جمالية عديدة لا تخطئها العين، وأهمها المئذنة الأنيقة والتي تحوز ثمان زوايا، وتزدان بالنقوش التي تفنن العمار بصناعتها من الطوب الذي بني منه المسجد، وتمتلك شرفة مفتوحة في الأعلى ومن خلالها يمكن الاستمتاع بالمناظر الرائعة في هذه المدينة الواقعة على ضفة أحد الأنهار الجميلة!
ويتزين المسجد بالكثير من الزخارف الرائعة التي يزخر بها المبنى الداخلي ولا سيما المحرابين وما جاورهما، ويقوم سقفه على أقواس عريضة تقف على أكتاف أعمدة سميكة. وبجانب الزخارف الملونة هناك خطوط جذابة باللغة العربية زادت من جمال المسجد!