أخطاء وملاحظات حول قنوت الوتر ينبغي للائمة التنبه لها

أخطاء وملاحظات حول قنوت الوتر ينبغي للائمة التنبه لها



أخطاء وملاحظات حول قنوت الوتر📚

#أخطاء_وملاحظات_حول_قنوت_الوتر

#ملخصات_فقهية

🖋 د. يوسف حسين الرخمي

🌷 مع هذا الإقبال الطيب في رمضان على صلاة القيام والتراويح، وقيام الأئمة -بارك الله فيهم- بما يلزم لإحياء المساجد وتنويرها بالخير والعلم إلا أن واجب النصيحة والمحبّة يُحتّم عليّ التنبيه على بعض الأخطاء والملاحظات الشرعية التي تحصل في قنوت الوتر برمضان، وخاصة في العشر الأواخر، والتي قد تذهب بروح العبادة ورونقها، مع ما فيها من مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ترددت في كتابتها مرارا حتى شرح الله صدري لذلك، وهذه أهم الملاحظات والأخطاء:

1️⃣ التطويل الشديد في الدعاء بحيث يصل إلى ربع ساعة أو نصف ساعة، وبعضهم أكثر من ذلك بكثير، بل إن بعضهم يجمع أدعية من هنا وهناك ويدونها في ورقة أو في الهاتف ليقرأها كلها في القنوت؛ منافسة لغيره في التطويل، وإرضاء لبعض الجمهور أحيانا، وهذا مع فيه من التطويل والإشقاق على المصلين فهو أيضا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان دعاؤه قصيرا لا يتعدى الأسطر القليلة، وفي حدود الدقيقة الواحدة أو أقل؛ فقد ثبت عند أصحاب السنن بسند صحيح عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت؛ إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ من واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) وزاد في بعض الروايات: (لا منجا منك إلا إليك)، وهذه كلمات جامعة نافعة، ونحن وإن كنا نرى أن الراجح جواز الزيادة على هذا الدعاء في القنوت إلا أن الشرط في ذلك عدم المبالغة في التطويل، ولا أرى للإمام أن يزيد في دعائه على خمس دقائق أو نحوا من ذلك.

2️⃣ الاعتداء في الدعاء، وقد ورد النهي عنه، وله صور عدة، منها الدعاء بما لا يجوز، أو بالمستحيل، أو بالأذية على من لا يستحق ذلك، ومن ذلك الدعاء بهلاك جميع الكفار في الأرض، وهذا محال؛ فإن الكفر والإسلام سيبقيان إلى قيام الساعة كما ورد في النصوص، بل لا تقوم الساعة وفي الأرض أحد يقول الله الله كما ورد في الحديث الصحيح، ومن ذلك الدعاء على دولة معينة وفيهم المسلم والكافر، والمحارب والمسالم، وإنما المشروع أن يدعو على المعتدين منهم، ونحو ذلك من الاعتداء.

3️⃣ التفصيل المبالغ فيه، وهو من الاعتداء في الدعاء، كالدعاء بالنجاة من النار، ومن حرّ النار، ومن برد النار، ومن زقوم النار، ومن أغلال النار، ... إلخ!! ولو قال: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، لكفاه ذلك.

4️⃣ حشد العبارات التي ليس لها علاقة بالدعاء، كالتطويل في المقدمة والختام، والإسهاب في عبارات الحمد والثناء أول الدعاء وآخره، وسرد أسماء الله الحسنى على طريقة التطريب والترنيم، وتلاوة الآيات والنصوص ... إلخ، كل ذلك مخالف للسنة، والحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء سنة في غير الصلاة، وأما في الصلاة فلم يثبت، ومع ذلك فالراجح جوازه استئناسا بعموم النصوص الواردة في ذلك، وينبغي للإمام أن يتركه أحيانا، وأما المبالغة والتطويل في صيغة ذلك فمخالفة لا تنبغي.

5️⃣ الوعظ واستدرار بكاء المصلين، وذلك بتكلف الحديث عن الموت، والقبر، ومراحل الغسل والدفن، وأهوال القيامة، وعذاب جهنم ... إلخ، وهذا كله من المخالفات السيئة، وقد تبطل به الصلاة إن خرج عن سياق الدعاء إلى سياق الوعظ؛ فإن الصلاة لا يجوز فيها غير الدعاء والذكر.

6️⃣ تكلف السجع في أكثر الدعاء حتى يضطره السجع لحشر كلمات باردة، أو لا معنى لها.

7️⃣ المبالغة في رفع الصوت بالدعاء، وتكلف البكاء والصراخ من الإمام والمأمومين حتى يصير المسجد أشبه بالمناحة، وهذا مع ما فيه من مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو أيضا مدخل للرياء والعياذ بالله، بل إن بعضهم يقرأ القرآن من أول الصلاة إلى آخرها فلا يهتز له رمش، فإذا جاء دعاء القنوت هاج بالبكاء والنحيب وأحيانا بالصراخ، ولا يخفى ما في هذا من التكلف، ولو فعل ذلك مع ربه حين يصلي وحيدا لكان أدعى للإخلاص، والله يقول: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية؛ إنه لا يحب المعتدين)، فجعل رفع الصوت بالدعاء اعتداء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتم بكاءه ما استطاع حتى إنه ليُسمع لصدره أزيز كأزيز المِرجل.

8️⃣ المداومة على القنوت في كل وتر طوال العام، بل إن كثيرا من الناس يعتقد أن القنوت شرط لصحة الوتر بحيث لو أنه نسي القنوت مرة اعتبر صلاته باطلة، وهذا كله غير صحيح، ولم يثبت عن النبي صلى الله وسلم المداومة على القنوت في كل وتر، وقد كره بعض أهل العلم القنوت إلا بعد النصف الثاني من رمضان، وبعضهم قيده برمضان دون غيره، ونحن وإن كنا نرى أن الراجح استحباب القنوت طوال العام إلا أن السنة للمصلي أن يقنت أحيانا، ويترك القنوت أحيانا أخرى.

🌷 هذا ما جادت به الذاكرة والوقت الآن، وتقبل الله منا ومنكم.

x