#مسجد (تاي شانغ) في مدينة تاي شانغ بجمهورية تايوان.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في حي نانتون بمدينة تاي شانغ وهي المدينة الثانية في دولة تايوان، أما المسجد فهو الرابع من ناحية الترتيب الزمني في هذا البلد الذي يسمى الصين الوطنية.
تأسست النواة الأولى لهذا المسجد سنة ١٩٥١ بعد أن قدم مسلمون صينيون إلى هذه المدينة فرارا بدينهم من نقمة الشيوعيين الذين قاموا بثورة سنة ١٩٤٩م في الصين الشعبية وأعلنوا العداء للأديان والنقمة على المتدينين، لكن الإمكانات لم تسمح ببناء مسجد كبير، فظل المسجد الصغير يضيق برواده آناً بعد آن!
وفي أبريل ١٩٧٥م قام وزير النقل السعودي بزيارة المسجد فوجده في حالة يرثى لها ويضيق عن استيعاب المصلين، فقدم بعض الأموال لجمعية مسلمي الصين من أجل إنشاء مسجد جديد في هذه المدينة، وبعد شراء الأرضية بدأ العمل في تشييد المسجد لكن صعوبات مالية تسببت في توقف المشروع، وفي مايو من عام ١٩٨٩م انفرجت الأمور فجرى استئناف أعمال التشييد، حتى تم الانتهاء منه في أغسطس من عام ١٩٩٠م، وكانت التكلفة قد زادت عن ٥٤ ألف دولار أمريكي.
وبعد افتتاح المسجد في ذلك العام نفسه جرى انتخاب مجلس إدارة جديد للمسجد، وكان المجلس طموحا فقرر إجراء بعض التوسيعات والتحسينات على المسجد، ذلك أن مخطط هذا المسجد يعود إلى عام ١٩٧٥م، واستمرت فترة التوسع والتطوير حتى عام ١٩٩٤ ليصبح المسجد حينذاك بهذه الصورة المرموقة في مبانيه ومعانيه.
حيث صار مبنى جميلا وذا هيكل كبير، إذ يتكون من ثلاثة طوابق، ويتبعه متجر إسلامي ومطعم إسلامي لا يباع فيهما إلا ما هو حلال حسب معايير الشريعة الإسلامية، ويتضمن المبنى شققا سكنية للقائمين على المسجد ومكاتب إدارية، وفصولا دراسية لتعليم الطلاب قراءة القرآن وأساسيات اللغة العربية، بجانب مغسلة لتجهيز الموتى ودفنهم على الطريقة الإسلامية في مقبرة خاصة بالمسلمين وتتبع المسجد أيضا.
ويهتم مجلس إدارة المسجد بإيجاد الكادر البشري الذي يستطيع أن يقوم بأعباء الإمامة والخطابة وإلقاء الدروس التوعوية على أكمل وجه، ومن أجل هذا تعاقدوا مع بعض الدعاة المؤهلين من خارج تايوان، حيث يسهم المسجد بفاعلية في صناعة الوعي المنشود وتحقيق الترابط الواجب بين مكونات المجتمع المسلم في هذه المدينة التي يقترب سكانها من ٣ مليون وتغلب عليهم الديانة البوذية!
يتميز المبنى بواجهته الرائعة التي تتوسطها بوابة ضخمة، وترتفع عن طرفيها مئذنتان ذاتا شرفتين، وتعلو قمتيهما قبتان أنيقتان ويرتفع فوقهما هلالان علامة على عزة هذا الدين، ويزدان سطح المسجد بعدد من المآذن الصغيرة وفي الوسط ترتفع قبة دائرية غير مكتملة، وقد تم طلاؤها مع المآذن بلون ناصع البياض، بينما يميل لون هيكل المسجد إلى الأخضر الفاتح.
وفي الداخل تم استخدام بعض الزينات من غير مبالغة أو إسراف، ومن أهم ما يزين قاعات الصلاة الثريات الصغيرة التي تتدلى من سقوفه بطريقة جذابة!