حكم الدعوى للبيت والدين الإبراهيمي  فتوى يكتبها فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الرخمي عضو هيئة علماء اليمن عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

حكم الدعوى للبيت والدين الإبراهيمي فتوى يكتبها فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الرخمي عضو هيئة علماء اليمن عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين



حكم الدعوة للبيت والدين الإبراهيمي🔘

⭕ السؤال:

- خلال الأيام الماضية تم افتتاح ما يسمى بـ (بيت العائلة الإبراهيمية)، وهو عبارة عن ثلاثة مباني متجاورة، واحد منها يمثل مسجدا للمسلمين، والثاني كنيسا لليهود، والثالث كنيسة للمسيحيين، وتقام العبادات والاحتفالات الدينية فيها، وتعريف الزائرين بهذه الأديان، فهل يجوز مثل هذا الأمر؟ وهل الديانات الأخرى غير الإسلام ديانات صحيحة تُنجي صاحبها من العذاب في الآخرة؟ بارك الله فيكم.

💡 الإجابة:

- سأُجمل الحديث في المسألة من خلال النقاط التالية:

1⃣ ما يسمى بالبيت الإبراهيمي يُراد منه أحد أمرين: إما دمج الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية) في دين واحد، وذلك من خلال جمع النقاط المشتركة في كل دين والخروج بدين جامع للجميع، وإما إبقاء كل دين على حاله، مع اعتبار جميع هذه الأديان صحيحة، وتمثّل الدين الحق الذي يريده الله.

وكلا الأمرين منكر عظيم، وكفر أكبر مخرج عن ملة الإسلام، وتكذيب للقرآن، ولرسول الأنام، وتحريف لدين الإسلام يشبه التحريف الذي فعله (قسطنطين) في الديانة المسيحية، والذي فعله (عمرو بن لُحَي) في دين إبراهيم الخليل حين أدخل عبادة الأصنام إلى جوار الكعبة.

2⃣ من المعلوم في الدين بالضرورة، ومن أصول الاعتقاد التي اتفقت عليه كلمة العلماء كافة أنه لا دين حق في الأرض اليوم غير دين الإسلام، وأنه خاتم جميع الأديان، وناسخ جميع الملل والشرائع، كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)، فمن كان على دينٍ غير دين الإسلام اليوم فهو كافر قطعا بلا شك ولا إشكال، فإن لم تبلغه دعوة الإسلام، ولم تقم عليه حجته فهو من جملة الكفار، وينظر الله في عذره يوم القيامة بعدله.

3⃣ القول بأنه يمكن الجمع بين هذه الأديان بأخذ ما فيها من مشتركات كذب وافتراء، وينافي العقل والواقع، فإن أصول هذه الأديان مختلفة ومتضادة تماما، فكيف يمكن الجمع بين دينٍ يقوم على الوحدانية لله، وأنه ليس له صاحبة ولا ولد، وبين من يقول: المسيح ابن الله، والإله ثلاثة؟! أو الجمع بين من يعتقد أن محمدا رسول من عند الله، وبين من يقول إنه كاذب مدعي، وليس رسولا من عند الله؟!

4⃣ نسبة هذا الكفر الصريح لسيدنا إبراهيم الخليل من أعظم الافتراء، فليس لسيدنا إبراهيم من دين غير دين الإسلام والتوحيد، كما قال تعالى: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين)، وقال: (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)، وقد تبرّأ سيدنا إبراهيم من كل عقيدة غير الإسلام، بل تبرأ من والده المشرك.

5⃣ أتباع كل نبي في زمنه هم المسلمون، وأصحاب الدين الحق، كالمؤمنين بموسى في زمنه، وبعيسى في زمنه، وكذا بقية الأنبياء، وأما بعد مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد تحريف تلك الأديان فلا دين صحيح غير دين الإسلام الذين هو دين جميع الأنبياء قبل أن يحرفه أقوامهم، وكل من لم يؤمن برسالة نبينا محمد فهو كافر، ولذا خاطب الله اليهود والنصارى الذين كانوا في زمنه بأنهم أهل كفر، كما قال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)، وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء).

6⃣ اعتقادنا بكفر من ينتمي لدينٍ غير دين الإسلام لا يعني أننا نستحل دمه وماله، أو أننا ضد التعاون الإنساني لدفع المظالم في العالم، أو ضد التعايش بين أبناء البلد الواحد الذين ينتمون لديانات مختلفة، بل نحن مع ذلك كله، وقد قال تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين)، ولكننا ضد تحريف الدين، وضد تزوير عقيدة المسلمين بإشاعة أن كل الأديان على حق، وأنه لا فرق بين الإسلام وغيره، فهذا إفك وكذب يناقض عقيدة الإسلام.

7⃣ فكرة الدين الإبراهيمي فرية عظمى تستهدف الدين من أساسه، وليست قضية جزئية صغيرة جانبية، فيجب على الهيئات العلمائية، والمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي أن تتداعى لاستنكار هذا المنكر، وبيان بطلانه بكل الوسائل الممكنة، والسكوت عن مثل هذا الأمر العظيم لأغراض سياسية أو شخصية خيانة للأمة، وخيانة لأمانة العلم التي حملهم الله إياها، وإن لم يقوموا لله تعالى بالحق في مثل هذا الأمر الجلّل، وتجتمع عليه كلمتهم فمتى يفعلون؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

x