مسجد (مالكوم شباز) في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في حي هارلم بمدينة نيويورك، وكانت حركة أمة الإسلام قد بنته في أربعينيات القرن الماضي وسمته المسجد رقم ٧ كما تفعل في ترقيم سائر مساجدها، وهي حركة أسسها عدد من السود الذين اعتنقوا الإسلام كأداة لمقاومة العنصرية البيضاء وكانت النتيجة أنهم تبنوا عنصرية سوداء ضد البيض وحاولوا تطويع بعض المفاهيم الإسلامية حتى لا تتعارض مع هذا الاتجاه العنصري، وبعد أن اعتنق مالكوم إكس الإسلام وهو داخل السجن تسمى باسم مالك شباز، وبعد خروجه من السجن احتضنته حركة أمة الإسلام وقابل قائدها أليجا محمد، فاتفق معه في كرهه للبيض الذين قتلوا أباه وأعمامه الأربعة، وتسببوا في إصابة أمه بأمراض استوجبت إدخالها مصحة نفسية، وهو ما زال طفلا، ولما يملك من شخصية كاريزيمة جاذبة عينه أليجا خطيبا للمسجد رقم ٧، وسرعان ما ترقى في قيادة حركة أمة الإسلام حتى صار ناطقها الرسمي واليد اليمنى لأليجا، وأصبح مشهورا لدى الإعلام الأمريكي بسبب نضاله الشرس لانتزاع حقوق السود الذين لم يكن يسمح لهم حتى بالتصويت والترشيح في الانتخابات البرلمانية، وفي عام ١٩٦٤م ذهب للحج وهناك قابل الملك فيصل وعددا من العلماء والدعاة وفعل مثل ذلك في مصر وفي الجزائر بعد أن قابل الرئيس أحمد بن بيلا، وأدرك أن الإسلام ليس دينا عنصريا فاقتنع بتجسيد طبيعة الإسلام في المساواة والعدل، وعاد إلى أمريكا ليصحح السير فتأثر به كثيرون؛ مما أثار حفائظ المتطرفين السود وعلى رأسهم زعيم الحركة أليجا الذي حذره بصيغة لا تخلو من التهديد وعزله من مناصبه ومن إمامة المسجد، لكنه استمر في الدعوة والحركة ولم يغادر المسجد حتى أطلق عليه ٣ شبان سود النار يوم ٢١ فبراير وهو يلقي محاضرة في جامعة نيويورك ليلقى الله شهيدا، وكان في الأربعين من عمره، مما دفع بأعداد كبيرة من السود للانسحاب من حركة أمة الإسلام والالتحاق بجماعة أهل السنة والجماعة التي استشهد مالكوم وهو أحد أبنائها !
ومن حسن الحظ أن أحد الذين تأثروا بأفكار مالكوم ابن أليجا محمد ويدعى والاس والذي تولى رئاسة الحركة بعد موت أبيه، وتسمى بوارث الدين محمد، ولم يألُ جهدا في تصحيح أفكار الحركة، بل وغيَّر اسمها إلى حركة البلاليين، نسبة إلى الصحابي المعروف بلال بن رباح!
وبالنسبة للمسجد فإن أتباع مالكوم رفضوا تسليمه لأمة الإسلام فتم تفجيره، وقام أهل السنة في الحي بإعادة بنائه وأطلقوا عليه اسم مالكولم شبار! وتُظهر الصور أنه ذو هيكل كبير ويتكون من ٣ طوابق ويطل على شارعين، ولذلك فقد استثمر الطابق الأرضي كمحلات تجارية من أجل صيانته وتمويل مناشطه الدعوية. ويبدو واضحا أنه يمتلك قدرا من الجمال بطرازه المعماري الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولا ريب في أن القبة الضخمة التي تعلو سقفه، بتصميمها المتفرد ولونها الأخضر الغامق وخطوطها الذهبية، هي أهم مقوماته الجمالية وأبرز خصيصة من خصائص العمارة الإسلامية الظاهرة فيه!
يتولى هذا المسجد إقامة الصلوات اليومية والأسبوعية، ويتسع لعدد كبير من المصلين، ويقيم عددا من المناشط التي تهدف لصناعة الوعي وتحقيق التماسك بين مكونات الجالية المسلمة في هذه المدينة العملاقة!
