مسجد السنه في مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية ٣

مسجد السنه في مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية ٣



#مسجد (السنة) في مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية.

أ.د.فؤاد البنا

يحتل هذا المسجد التأريخي مكانا بارزا في شارع محمد الخامس، ويتربع هيكله الجذاب على ناصية رئيسية في وسط مدينة الرباط، وذلك بالقرب من القصر الملكي.

أسس المسجد من قبل السلطان محمد بن عبد الله عندما اتخذ من هذه المدينة عاصمة لدولته لفترة قصيرة في القرن الثامن عشر، وقد تم افتتاحه سنة ١٧٨٥م، وظل محل عناية السلطات المتتابعة؛ حيث رُمِّمَ بالكامل تقريبًا في القرن التاسع عشر.

وبمُناسبة عيد ميلاد الملك الحسن الثاني الأربعين الذي صادف سنة ١٩٦٩م، أعيد ترميم المسجد من جديد، وفي هذا الترميم وقع نقل مئذنته من موقعها في الركن الشمالي الغربي للمسجد ليعاد بناؤها من جديد في الزاوية الجنوبية الغربية، كما هو في الصورة القائمة اليوم، مما جعله أكثر إطلالاً على الناس في الشارع!

إن هذا المسجد من أكبر المساجد المغربية، ويحتل المركز الرابع بين المساجد التأريخية من ناحية المساحة، فقد تمدد هيكله الضخم على قطعة أرض مربعة تبلغ مساحتها ٥٥٦٥م٢.

ويتكون المبنى من المصلى الرئيسي الذي يقع خلفه صحن مكشوف على هيئة مستطيل طويل وينقسم إلى ٣ أقسام، وتحيط بالصرح ٣ أروقة بجانب قاعة الصلاة التي تقع في الأمام من جهة القبلة. ويتكون أحد الأروقة من سلسلة من الغرف التي كانت تتخذ كمأوى لطلاب العلم.

يمتلك هذا المسجد تصميما أندلسيا أصيلا مع بصمات خاصة مكنته من البروز كشخصية متميزة عن سائر المساجد، ومن أبرز مقومات الجمال في هذا الهيكل الكبير، مئذنته العالية جدا والتي يزيد ارتفاعها عن ١٠ طوابق رغم كونها عريضة وتأتي بحجم غرفة كبيرة، وقد بنيت بطريقة بارعة وتزدان بنقوش رائعة تم نحتها بمهارة عالية وإتقان بالغ، وتنفتح منها نوافذ كبيرة في كل الاتجاهات، ومن خلالها يمكن الاستمتاع بمناظر هذه المدينة الجميلة!

يقوم الهيكل الكبير للمسجد على دعائم مربعة وتعلوها أقواس معقوفة، وتستند عليها حمالات مكسية بالقرميد الأخضر الذي يندمج مع خضرة الطبيعة في هذه المدينة التي تزدان بالأشجار بصورة مبهجة للنفوس!

ومثل سائر مساجد المغرب فإن هذا المسجد يحتوي على العديد من بوابات الزينة المحاطة بمنحوتات مذهلة، ويغرق في الديكور المغربي الرائع والذي لا يترك مساحة داخل المسجد دون أن يزينها بنقوشه وزخارفه البديعة!

وفي فناء هذا المسجد توجد مساحات تم استغلالها بذكاء في منح المسجد مزيدا من الجمال الأخاذ، من خلال تخضيرها بالحشائش والنباتات المنسقة وتزيينها بالزهور الملونة وأشجار النخيل، وفي الخارج توجد مواقف منظمة للسيارات تثور من جانبها مجموعة من النوافير، وتحيط بها مساحات خضراء لا تكاد تخلو من أسراب الطيور التي جلبها جمال المكان والشعور بالأمان في أكناف هذا المسجد الجذاب!

x