#مسجد (الشيوخ) في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في شارع القصر بمنطقة الديوان الأميري في قلب مدينة الدوحة، وسمي بمسجد الشيوخ من باب التفخيم للمسجد والتفاؤل بأن رواده سيصيرون شيوخا في العلم والدين. وفي فيلم وثائقي تبنته إحدى الفضائيات القطرية عن المسجد، ذكر أحدهم أن مصطلح الشيوخ يطلق على الحاكم في قطر، ولأن الذي بناه هو الشيخ عبدالله بن جاسم حاكم قطر آنذاك فإنه هو المقصود بمصطلح الشيوخ على حسب هذه الرواية!
ويطلق على المسجد أيضا (الجامع الكبير) لأنه كان الأكبر حينما تم بناؤه رغم أنه كان أصغر مما صار عليه في وقتنا بكثير.
وقد رد في الفيلم الوثائقي المشار إليه آنفا بأن المسجد تأسس ما بين سنة ١٩١٣ و١٩١٤ وذلك في بداية حكم الشيخ عبدالله بن جاسم لقطر، لكن د. محمود رمضان أورد في كتابه (مساجد قطر وتاريخها وعمارتها) أن المسجد جرى بناؤه في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري الموافق للقرن العشرين، ودون تحديده لتأريخ معين.
ويبدو أن التأريخ الأول أوثق؛ ذلك أن المسجد تعرض للهدم وإعادة البناء من جديد بصورة كاملة سنة ١٩٥٩م وتم افتتاحه سنة ١٩٦١م ليصير بهذا الحجم الكبير والجمال الواضح، حيث تم توسيع المساحة وتطوير العمارة، ولا يوجد مصدر يشير إلى تجديد آخر للمسجد لكن لا يمكن أن يكون باقيا على ما كان عليه قبل قرابة ستة عقود، وهذا باد من الصور ومن الإمكانات الضخمة التي امتلكتها قطر وجعلتها تجدد كل شيء قديم بجانب بناء الجديد!
ومن الواضح أن المسجد ذو تصميم متفرد، بهيكله الرباعي الكبير ونوافذه الرأسية العالية، وأن تصميمه قد جرى من خلال دمج المعمارين العثماني والعربي في بوتقة العصر مع إضافات من خيال المهندس المعماري الذي لا نعلم عنه شيئا ولا وجود له في المصادر التي استطعنا الحصول عليها، ولا سيما أن سائر وسائل الإعلام القطرية محجوبة عنا في اليمن من قبل الحوثيين!
يتميز المسجد بمنارته الشاهقة ذات الرأس القلمي العثماني والشرفتين الجميلتين، والتي تم بناء هيكلها من ثلاثة أقسام، القسم الأطول في الأسفل وقد أخذ الشكل الثماني، والقسم الأوسط أخذ الشكل الاسطواني، أما القسم الأعلى فيتضمن الجزء المفتوح والرأس القلمي لها، وقد تمت زخرفتها بنقوش أنيقة استخدمت فيها ثلاثة ألوان: الأخضر الفاتح والأبيض والذهبي.
ويكمن جوهر التميز في هذه التحفة المعمارية في القباب الكبيرة التي ازدحمت في سقف المسجد بطريقة تختلف عن سائر المساجد، ويبلغ عددها ١٨ قبة، وتتوسطها قبة ضخمة تسقف جزءا كبيرا من هذا المسجد الواسع، وتتدلى منها ثريا ضخمة، ويؤكد بعض الباحثين القطريين أنها كانت الأكبر في العالم حينما تم تركيبها سنة ١٩٦١م وأنها صنعت خصيصا للمسجد في ألمانيا الغربية!
وعلى العموم فإن المسجد رغم تقادمه يجمع بين الضخامة والفخامة؛ فمن الواضح أنه يتسع لآلاف المصلين، وأنه يقوم بوظائف عديدة في حياة المجتمع القطري، ومن ذلك تعليم الناشئة القرآن الكريم، من خلال المدرسة القرآنية التابعة له.
ويمتلك ساحة واسعة تم تقسيمها إلى قسمين، قسم جرت زراعته بالحشائش والأزاهير وخصص الآخر كمواقف للسيارات.
ولأهمية هذا المسجد في الوجدان القطري، فقد ظلت صورته تزين الغلاف الرئيسي لكتاب التربية الإسلامية في المدارس القطرية طيلة عقود عديدة!