مسجد السلطان أحمد في مدينة زاندام في دولة هولندا ٣

مسجد السلطان أحمد في مدينة زاندام في دولة هولندا ٣



مسجد (السلطان أحمد) في مدينة زاندام بهولندا.

أ.د.فؤاد البنا

يقع مسجد السلطان أحمد في حي بويلنبورغ بمدينة زاندام، وهي واحدة من أجمل المدن الهولندية في الشمال وتطل على ضفاف نهر زان.

تولت الجالية المسلمة في هذه المدينة ولا سيما الأتراك جمع التبرعات لبناء المسجد، وتضافرت جهودهم في تشييده وإظهاره بهذه الصورة الجميلة ليتم الافتتاح في سنة ١٩٩٤م عبر احتفال شعبي لم يغب عنه الجانب الرسمي.

تم تشييد المبنى من طابقين وبدروم تحت الأرض، وقد بني على مساحة تبلغ ١٥٠٠م٢، ولأنه يستوعب عددا كبيرا من المصلين فقد اعتبر حينذاك أكبر مسجد في أوروبا الغربية.

وبجانب مصليي الرجال والنساء فإن مبنى المسجد يشتمل على عدة فصول دراسية، يتم فيها تنظيم دروس للأطفال والكبار عن مبادئ الإسلام وقيمه الحضارية. وفي بدروم المسجد توجد قاعة كبيرة ذات مسرح، ويتم استخدامها لمختلف المناسبات التي تهم المسلمين، وتقوم إدارة المسجد بتأجيرها لمن يريد ويوظف إيجارها لصالح المسجد.

ولما كان المسجد يقوم بوظيفة اجتماعية بجانب وظائفه الأخرى؛ فإنه يمتلك مقهى أو مقصفاً يأتيه كثير من المسلمين عامة والأتراك خاصة لمناقشة همومهم وآمالهم أثناء تناولهم للشاي أو القهوة، وفي إطار خدمة المجتمع المسلم في هذه المدينة فقد رأيت في وسائل الإعلام ما يدل على اهتمام المسجد بتنظيم حلقات نقاشية بين الجمهور وبين بعض الأطباء لإشاعة الثقافة الصحية المفيدة !

ويتولى المسجد التعريف بالإسلام لزواره من غير المسلمين، ويتواصل مسؤولوه مع الجهات الرسمية في ما يخص المسلمين، كما يحدث في كل مرة يتعرض فيها المسجد للاعتداء أو التهديد به من قبل متطرفين يمينيين، هذا مع أن هولندا من أكثر البلدان انفتاحا على الإسلام حتى أنها تحتضن أكثر من ٥٠٠ مئذنة بينما توجد بلدان غربية كثيرة تضع الكثير من الموانع أمام بناء المساجد عامة والمآذن خاصة !

ويمتلك المسجد بنية تحتية ذات صلة بإنجاح وظائفه، مثل المكاتب الإدارية والمواضئ ودورات المياه. هذا بجانب الفناء الذي ينقسم بين مساحات خضراء ومواقف مرتبة للسيارات.

بني المسجد على الطراز العثماني الجميل مع لمسات هولندية تمكنه من الانسجام مع محيطه الغربي، وتبدو هويته واضحة جدا من خلال مئذنتيه القلميتين الجذابتين، ومن قبته الرائعة التي تتوسط المسجد، أما الداخل فإنه يزدان بالنقوش والزخارف الإسلامية المبهرة، وتقوم القبة الكبيرة على عدد من الأعمدة الاسطوانية النحيلة، وتتدلى منها ثريا جميلة، وتنفذ الأضواء إلى أبهاء المسجد عبر صفين من النوافذ، وبينما تتميز نوافذ الصف الأدنى بالزجاج الأبيض الشفاف فإن نوافذ الصف الأعلى ذات زجاج متعدد الألوان بما يشبه القمريات في المساجد العثمانية والمعمار اليمني!

x