#مسجد (شير شاه صوري) في مدينة باتنا بولاية بهار بجمهورية الهند.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في الجنوب الغربي من زاوية بوراب دروزة المشهورة عند مسلمي الهند والواقعة داخل مدينة باتنا التابعة لولاية بهار التي يوجد فيها أكثر من ١٧ مليون مسلم، وهي ثالث ولاية هندية من حيث عدد المسلمين الكبير فيها.
سمي المسجد باسم شير شاه صوري، نسبة للملك الأفغاني الذي بناه، وهو من البشتون وقد نجح في انتزاع الملك من المغول المسلمين في شمال الهند وتكوين أسرة حاكمة ابتداء من نفس العام الذي تم فيه البدء ببناء هذا المسجد لكنها سقطت بنفس السرعة التي صعدت بها. واسم الملك يحمل معنى الملك النمر أو الملك الأسد، وقد كان شجاعا بالفعل وصار من أقوى الملوك الذين تعاقبوا على حكم الهند!
وتذهب مصادر تاريخية عديدة إلى أن هذا المسجد قد بني في الفترة ما بين عامي ١٥٤٠م و ١٥٤٥م، من أجل أن يصير سببا في إحياء المناطق التي تقع بجواره!
وما يهمنا هنا هو أن هذا المسجد من المعالم الجمالية في مدينة باتنا، ومن المساجد الأثرية الجميلة التي تزخر بها عموم الهند، وتنتمي إلى مختلف الأنماط المعمارية المغولية والهندية والعربية. ومنها النمط الأفغاني الذي تنتمي إليه الهندسة المعمارية التي انبنى عليها هذا المسجد الرائع، فمن الواضح أنه قد تم تشييده وفق الطراز المعماري الأفغاني مع اقتباسه بعض التفاصيل الفنية من النمط المغولي الذي كان متسيداً في معظم أرجاء الهند آنذاك!
ومن يتأمل عددا من الصور لهذا المسجد الكبير يدرك أنه تحفة معمارية متميزة وإن كان الزمان قد جار عليه رغم عناية المسلمين المحليين به بقدر استطاعتهم، ويلاحظ أن ملامحه الجمالية قد تعددت بسبب ضخامة المبنى وحرص الملك على تفوق مسجده على أقرانه، وأول هذه الملامح هي واجهته الرائعة بتصميمها الجذاب وارتفاعها الكبير، وببرجيها الأنيقين ولونها الذي يتراوح بين الأحمر والبني، وثانيتها هي القبة المركزية التي تتبوأ قلب السقف وتحيط بها أربع قباب أصغر منها، والعجيب أنك إن نظرت إلى هذه القبة من أي زاوية فسوف تبدو لك ثلاث قباب فقط، ولا أدري إن كان مصمم هذا المسجد قد قصد ذلك أم أنه قد حدث من غير قصد؛ حيث تبدو القبة الكبيرة من كل الاتجاهات بصورة جميلة وكأنها ملكة حولها وصيفتان!
تم تخطيط المسجد بحيث تكون قاعة الصلاة الرئيسية في المقدمة وخلفها صرح أشبه بالمربع، تحيط به ثلاثة أروقة جميلة في تصميمها الهندسي وجذابة في تجهيزها الفني، حيث تقوم على أعمدة اسطوانية أنيقة وتنفتح منها نوافذ متعددة الأشكال والأحجام، وتنبثق من طرفي الهيكل الجميل مئذنتان تتكون كل واحدة منهما من خمسة طوابق، وتعلوهما قبة بيضاء!
وتتخلل المبنى عدد من الملامح الجمالية الأخرى، ومنها النوافير والمواضئ الأنيقة، والنقوش والزخارف الجذابة التي تم توزيعها من غير إسراف بطريقة أبرزت جمال المسجد من غير تكلف!
