مسجد (السلام) أو جمعة مسجد في مدينة باتيكالوا بجمهورية سريلانكا.
أ.د.فؤاد البنا
ويعرف أيضًا باسم (مسجد المدينة)، وهو أحد المساجد التاريخية في سريلانكا ويقع في قلب مدينة باتيكالوا التي تطل على الساحل الشرقي لسريلانكا، وتحتضن أقلية مسلمة كبيرة فيها، وقد دفعتها التحديات الكبيرة لأن تصبح كبيرة بما تمتلك من المساجد والمدارس العربية الإسلامية.
تم تشييد هذا المسجد في القرن السابع عشر على أيدي التجار المسلمين الذين كانوا يمخرون عباب المحيط الهندي لابتغاء فضل الله وتعريف الناس بدين الله، ولم يتركوا مدينة على سواحله إلا وزاروها وقاموا بدعوة أهلها إلى الإسلام بأفعالهم الراقية قبل أقوالهم البليغة!
وقد وفد التجار الذين بنوا هذا المسجد من جنوب الهند، وزاروا عددا من المدن في هذه الدولة التي تقع في جزيرة داخل المحيط الهندي وتقترب من السواحل الجنوبية لجمهورية الهند، وقامت بين أهالي هذه المدن وتجار المسلمين صلات مادية وروحية عديدة، مما دفع بكثيرين من أبنائها لاعتناق الإسلام.
وفي عام ١٩٢٠م تم توسيع المسجد وتطويره، وتم تسويره عبر بناء جدران عالية من الطوب حوله، بجانب القيام بسقف الأجزاء التي ظلت مفتوحة منه، ومرة أخرى فإن تجار جنوب الهند قد أسهموا بنصيب وافر من هذا العمل العبادي الجميل.
ومن الواضح أن هيكل المسجد كبير وأن منظره جذاب، حيث يمتلك واجهة مهيبة وترتكز في ركنيها منارتان عريضتان بتصميم شديد الأناقة، ويزدان بقبة مرتفعة في وسط مقدمة المسجد وكأنها تاج على رؤوس الذين يسابقون إلى الصلاة في الصفوف الأولى!
ويتنقل المسؤولون عن تجميل المسجد وطلائه بين اللونين الأبيض والأخضر بمستوياته الثلاثة الغامق والفاتح والفاتح جدا، وقد أجادوا في تنسيق الألوان بطريقة احترافية لا تجد فيها أي تنافر مما زاد من الرصيد الجمالي للمسجد!
وينطبق هذا الأمر على النقوش والزخارف التي يزخر بها هذا المسجد سواء في هيكله الخارجي أو معماره الداخلي، مما ينم عن ذوق رفيع وقادر على الموائمة بين عدد من فنون العمارة الإسلامية التقليدية والحديثة!
ومن المعلوم أن المسلمين في هذه الدولة أقلية تعاني الأمرّين، حيث أوقعها سوء حظها بين سندان السنهاليين البوذيين الذين يمثلون الأكثرية الحاكمة وبين مطرقة التاميل الهندوس الذين يمثلون أقلية كبيرة معارضة للحكومة، ويبذل القائمون على المسجد جهودا من أجل الإسهام في رعاية قيم التعايش المجتمعي، وإبراز القواسم المشتركة بين الأطراف الثلاثة وتشجيع تطوير الأعمال بينها، ومد جسور الحوار والتواصل بين التاميل والمسلمين والسنهاليين!