قبس من نور تهامة ( 2 )
يتميز علماء اليمن من أبناء تهامة بالتواضع الجم والعلم الغزير والانتاج المتميز والثقافة الموسوعية ومن هؤلاء العلماء الأعلام الذين بذلوا في حياتهم الكثير من الجهود العلمية والدعوية العلامة الشيخ سليمان صائم الدهر ـ رحمة الله تغشاه ـ والذي ولد في الزيدية بالحديدة عام 1356 هـ الموافق 1938م في أسرة اشتهرت بالعلم والفقه والقضاء ونبغ منها العديد من العلماء منهم العلامة الأصولي القاضي عبدالله بن الحسين صائم الدهر رحمة الله تغشاه وغيره .
وقد درس في منطقته وعلى أيدي مجموعة من كبار العلماء في مناطق الحديدة وغيرها ثم عمل في مجال التدريس والدعوة إلى الله وكانت له جهودا طيبة في مجال التوجيه والإرشاد في معسكرات الجيش .
والعلامة سليمان صائم الدهر فضلا عن كونه من كبار العلماء هو أديب وشاعر وتميز بأسلوبه الرائع في الخطاب وببعده عن المناصب وزهده عن الدنيا وانصرافه إلى العلم والتعليم والتوجيه والإرشاد .
يعد العلامة صائم الدهر أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية والدعوية في الحديدة والتي كانت لها جهودا كبيرة في نشر دعوة الخير والوسطية والتسامح والتغيير والعلم الشرعي ، والإصلاح بين الناس ، وداعية للأخلاق والقيم والتعاون والتكافل والأخوة والمحبة .
فهو كما نحسبه قد جسد في حياته النموذج الرائع للعالم الرباني والمصلح الاجتماعي والقدوة الصالحة علما وتدينا وتواضعا ومواقفا وطنية جسورة ، وجاهرا بالحق ، فلم يكن يخاف في الله لومة لائم في قول الحق وابداء النصيحة للجميع .
وقد حاولت البحث عن ترجمة وافية له فلم أجد فقد كان في حياته من العلماء المغمورين البعيدين عن الإعلام والأضواء والشهرة وهذا هو حال الكثير من علماء تهامة ، وبعد وفاته نعاه الجميع من الرئيس إلى طلبة العلم وأصدرت الكثير من الجهات بيانات نعي بحقه بينما في حياته لم تنشر عنه مادة تعرف به وبجهوده ولم يتم استضافته في وسائل الإعلام أو تسجيل حلقات علمية له وهذا لتواضع الشيخ ولبعد وسائل الإعلام عن العلماء الربانيين والدعاة الصادقين واهتمامها بالمطربين والممثلين وبلاعبي كرة القدم وتسويقهم لدى الناس باعتبارهم نجوم المجتمع وقدوات للناس .!!
وقد أكدت هيئة علماء اليمن أن رحيله يمثل خسارة لليمن عامة ولمحافظة الحديدة خاصة فبرحيله فقدت اليمن عالماً جليلاً ورجلاً من خيرة رجالها ودعاتها، كان له إسهاماته العلمية والدعوية الكبيرةكما جاء في نعي الإصلاح له : ( العلامة الشيخ سليمان صائم الدهر رحمة الله تغشاه علم من الاعلام العلمية والوطنية والادبية والفكرية في تهامة ، اذ كان نموذجا يحتذا في نشر العلم وتدريسه والمعرفة ونشرها ، وقدوة سامقة للداعية المجتهد والخطيب المؤثر ، والاديب الملهم ، ونموذج لرجل العلم الزاهد والورع والمتواضع ، واحد الشخصيات الاجتماعية والدعوية التي كان لها دور كبير في نشر دعوة الخير والوسطية والتسامح والتغيير والعلم الشرعي ، والإصلاح بين الناس ، وداعية للأخلاق والقيم والتعاون والتكافل والأخوة والمحبة ، ليشكل رحيله خسارة علمية لابناء تهامة ، اذ ترجل احد فرسانها في مرحلة استثنائية الجميع بحاجة الى العالم الرباني والمصلح الاجتماعي والقدوة الصالحة علما وتدينا وتواضعا ومواقفا وطنية جسورة ، وجاهرا بالحق ، فلم يكن يخاف في الله لومة لائم في قول الحق وابداء النصيحة للجميع .
اننا ونحن اذ نشيد بمناقب الشيخ سليمان ابوبكر صائم الدهر ، فإننا ندعوا ابناء تهامة ، وتلامذته الى ان يكونوا على مسار ومآثر هذا العالم الزاهد الورع - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله احدا - والذي نبذ كل اشكال التعصب ، ومثل مدرسة للحوار والتسامح والحب والالفة الذي كان يجسدها في الواقع ، كقيم اسلامية لا غلو فيها ولا تطرف ولا تعصب ، لمواجهة كل التصدعات والخلافات التي تعصف بالوطن ).
ورغم بعد الشيخ سليمان صائم الدهر عن السياسة والحزبية والمكايدات والمماحكات كبر سنه وضعفه ومرضه إلا أنه تم اعتقاله من قبل مسلحي الحوثي في 12 / 8 / 2015م وقاموا بإيداعه في سجن إدارة أمن الزيدية وقد لبث في السجن لفترة طويلة وبعد خروجه من السجن ازداد مرضه إلى أن توفي رحمة الله تغشاه .
يقول عنه الناشط التهامي الأستاذ أحمد قيقب : ( ما زلت اتذكر ايّام الدراسة في مدينة الزيدية وفِي شهر رمضان ذلك الصوت الإيماني الرباني في مسجد صائم الدهر فما ان تصل لذك المسجد حتى تشعر بهيبة المكان الذي تغشاه هيبة العلم والعلماء وَلَن أزيد على قاله حبيبنا المصطفى -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (أَتاكم أهل اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَة) وفي روايةٍ أخرى: (وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» تتمثَّل في شخصية شيخنا ومفيدنا سليمان صائم الدهر رحمه الله، ورفع درجته في المهديين)..
توفي العلامة الشيخ سليمان صائم الدهر في 18 / رجب / 1439هـ الموافق 4 أبريل / 2018م . رحمة الله تغشاه .
محمد مصطفى العمراني