قبس من نور تهامه١ الشيخ العلامة الحافظ الزاهد العابد التقي النقي الطاهر النحوي المحدث عبدالله بن عمر الاهدل

قبس من نور تهامه١ الشيخ العلامة الحافظ الزاهد العابد التقي النقي الطاهر النحوي المحدث عبدالله بن عمر الاهدل



قبسٌ من نور تهامة:

الشيخ العلامة الحافظ الزاهد العابد التقي النقي الطاهر النحوي المحدث عبدالله بن عمر الاهدل

التقيتُ اليوم بعد صلاة الجمعة في المسجد النبوي بالشيخ الفاضل المقرئ بالمسجد النبوي المتقن المبتسم رشيد نعمان حفظه الله.

فحدّثني حديثاً عجباً عن شيخه علامة تهامة الكبير عبدالله بن عمر الأهدل رحمه الله، هذا العلامة الكبير الحافظ مفتي مدينة الضحي، وسأسطر هنا ما قاله لي من عجائب سيرته.

عالم نحرير، نحوي خطير ، مسند الديار اليمنية، لا يكاد يدانى في علو إسناده، حافظ متقن، كان طلابه يصحِّحون نسخ البخاري ومسلم وقطر الندى ومتن الزبد وسائر متون العلم من حفظه.

كان متواضعاً بما لم تر عينك بمثله، غاضّ طرفه حتى ليخيَّل إليك أنّه أعمى من شدة وقاره، ولا تنحني إلا الغصون المثمرة الندية.

كان رحمه الله لا يدّرس إلا من حفظه، ويكاد يحفظ كل الكتب التي يقرؤها عليه طلابه، يقول الشيخ رشيد أنهم كانوا يذهبون إليه في المرعى فيدرسون عليه وهو يرعى ويحتطب.

ولما زار الشيخُ مقبلُ مدينة الضحيّ كان العلامة رحمه الله في المجلس، وكان الشيخ مقبل لا يعرفه، فأشار بعض الطلاب للشيخ مقبل إلى ذلك الرجل الذي يجلس جانبا صامتا في طرف المجلس، فسأله الشيخ مقبل عن مسألة نحوية، فأجاب إجابة العلماء، فسأله في الفقه والحديث والمصطلح فيجيب كأنما يقترف من بحر، فقرّبه الشيخ مقبل بجانبه، وأمسك بيده، وصاحبه طول رحلته لم يفارق يده أبداً، ولا يعرف الفضل لذي الفضل إلا ذووه.

كان رحمه الله خاشعاً تقياً نقياً، ما تنظر إليه إلا وذكّرك بالله، ولا لمحته إلا زاد إيمانك، من أقواله رحمه الله: "من أراد حسن الخاتمة؛ فعليه بحسن السابقة".

أما عن زهده فلولا ثقتي بتلميذه النجيب لما صدقت ذلك، عاش في فقر شديد، فكان يقوت أهله وعياله بالرعيّ والاحتطاب، وقد قدّر له بدعوة كريمة أن يذهب للكويت لمجلس سماع بعض كتب السنة، فأسندهم، فأكرموه بمال كثير، فلما رجع إلى قريته قسّمه كله، ولم ينم وفي يده منهم مثقال ذرة، فأصبح على صنعته من الاحتطاب، كأنه لم يذق نعيماً قط، فلم يفتنه غنى جاء بعد إملاق.

طلب العلم رحمه الله في زبيد والمرواعة والزيدية والمنيرة، حيث هرب ماشياً إلى زبيد رغم منع أهله له، ومن أبرز شيوخه العلامة الزوّاك رحمه الله وغيره، فنهل من معين معهد العلم العظيم ومنبع الأدب زبيد، حاضرة العلم والعلماء.

قلتُ: إن هذا العلامة إلا غصن من غصون تهامة العلم والعلماء، ولكن السطوة المطلعية كان لها دركات السوء في إهمال تهامة علماً وتاريخاً.

ولعلّ الله أن يُهيأ لتهامة من يكشف حجب السحب عن هؤلاء الأقمار الذين صفا نورهم، وأن يترجم لهم ترجمة تُلهم حاضرنا المؤلم.

🖊️ توفيق الغرباني

x