قصة جميلة ومعبرة حقيقية ومحزنه من روائع الشيخ محمد راتب النابلسي
أعرفرجلا بعيدًا عن الدين بُعد الأرض عن السماء، يحمل شهادة عليا بفرع نادر، وجميل الصورة، ومتفلت في مزاحه، وفي لسانه، وفي عقيدته، كان يستهزأ بأحاديث رسول الله! تزوج فتاةً تروق له، فأنجبت له بنتاً صغيرة، كاد عقله يذهب بحبها، فإذا هي تصاب بمرض عضال في دمها ..أنا أعرفه شارداً، أعرفه غارقاً في المعاصي والآثام، أعرفه بعيداً عن الدين، فجأةً وجدته في حالٍ لا يصدق من الإنابة والتوبة والخشوع، سألته: ما الذي حصل ؟ قال: هذه البنت الصغيرة أصابها مرض عضال، لم أبقِ طبيباً إلا وعرضتها عليه، ثم باع بيته، وذهب بها إلى بريطانيا، ولم تشفَ من مرضها، بعد هذه المحاولات اليائسة أُلهمت أن إذا تبت إلى الله أنا وزوجتي لعل الله يشفيها ؟
فبدأ يصلي، وحجب زوجته، والتزم في مسجدي، ثم شفاها الله، وبعد حين دُعيت إلى عقد قران من قِبله لابنته، وألقيت كلمة، ولما انتهت الكلمة سألته: هيَ هي ؟!
قال: هيَ هي ..
والله بكيت، قلت: يا رب، كل هذا المرض الخبيث جاء كضيف فهدى الأب والأم، وانصرف بسلام، هذا فعل الله عز وجل.فالله عزَّ وجل أتى به مُسرعاً .
فإما أن تأتيه مسرعاً، أو أن يأتي بك مسرعاً..قال تعالى :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
لكن البطولة هي أن تأتيه أنت بنفسك طائعاً، أن تأتيه مسرعاً بمبادرةٍ منك، قبل أن يأتي بك مسرعاً ذليلاً، مكسوراً، جراً إليه ..
البطولة أن تأتيه وأنت معافى صحيح، ليس عندك مشكلة، آمن في بيتك، عندك زوجة، عندك أولاد، وعندك عمل، ما عندك مشكلة مالية، وتصلي، وتدعو، وتناجي، ما عندك ولا مشكلة .