أحكام فقهية متعلقة بكرة القدم يكتبها فضيله الشيخ الدكتور يوسف الرخمي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أحكام فقهية متعلقة بكرة القدم يكتبها فضيله الشيخ الدكتور يوسف الرخمي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين



أحكام فقهية متعلقة بكرة القدم📚

#أحكام_فقهية_متعلقة_بكرة_القدم

#ملخصات_فقهية

🖋 د. يوسف حسين الرخمي.

📌 بعد مرور عاصفة كأس العالم، وهدوء رياح العواطف، يحقّ للعقل أن يجول ويصول بعد انفكاك الضغوط عنه، وقد سُئلت عدة مرار خلال المونديال عن كثير من هذه المسائل المتعلقة بكرة القدم فلم أجد فرصة للكتابة حولها، ولعله من الخير أني تأخرتُ في الكتابة حتى انتهت أحداث المونديال لتكون مساحة العقل في القراءة أكبر من مساحة العاطفة التي اجتاحت كثيرا من الناس خلال المدة الماضية.

وسأكتب في هذه العجالة أهم ما علق بذاكرتي من المسائل بشكل مختصر، ثم أعقّب بملاحظات شرعية متعلقة بهذه اللعبة، والسياقات التي انتهت إليها في عصرنا.

⚽️ حكم لعب كرة القدم:

يجوز للمسلم أن يلعب كرة القدم كونها داخلة في دائرة المباح، والأصل في الأشياء الإباحة إلا ما خصّه الدليل بالتحريم، ولكن يشترط للجواز ما يلي:

1⃣ أن يكون ساترا لعورته.

2⃣ ألا يكون اللعب سببا في حصول الخصومة، والبغضاء، وسوء الأخلاق، والسباب والشتائم.

3⃣ ألا يشغله اللعب عن الواجبات الدينية والدنيوية، كالصلاة، والقيام بحق الزوجة والأولاد، والسعي لطلب الرزق، والقيام بمقتضيات الدراسة، ونحو ذلك.

4⃣ أن يخلو اللعب من القمار.

5⃣ عدم الإسراف في الوقت، بحيث لا يقضي أكثر وقته في اللعب ومتابعة المباريات وإلا صار فعله حراما، والسّرف منهي عنه في كل شيء بما في ذلك الوقت.

⚽️ حكم مشاهدة ومتابعة مباريات كرة القدم:

مشاهدة المباريات جائز، ويأخذ نفس حكم اللعب الذي سبق، ويشترط لجوازه ما يشترط لجواز اللعب من عدم الإسراف في الوقت، وألا تشغله المشاهدة عن الواجبات الدينية والدنيوية، وألا تكون سببا في حصول الخصومات والعداوات والتعصبات، وأن يمكنه تجنب النظر للعورات أو للنساء المتبرجات، ونحو ذلك، فإن وقع في شيء من ذلك كانت المشاهدة في حقه حراما.

⚽️ حكم السجود عند تحقيق هدف في مرمى الخصم:

سجدة الشكر مستحبة عند تحقق نعمة عظيمة للعبد، أو اندفاع نقمة وبلاء عنه، وتسجيل هدف في مباراة كرة قدم مجرد حدث عادي في لعبة عادية وليست نعمة عظيمة تستحق سجدة شكر، وتضخيم هذا الأمر والمبالغة في تقدير أهميته إنما هو سلوك العاطلين الذين فرغت قلوبهم من القضايا الكبرى، فلا أرى من المناسب أن يسجد اللاعب سجدة الشكر لأجل ذلك، ولكن لو سجد فلا نحكم عليه بارتكاب أمر محرم؛ فالسجود فعل حسن إجمالا بغض النظر عن السبب، وغاية ما نقوله في شأنه إنه فعل فعلا مكروها وخالف الأفضل.

وقد اشترط الجمهور لسجود الشكر ما اشترطوا للصلاة من الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، ونحو ذلك، ولم يشترط ذلك غيرهم، وقول الجمهور هو الراجح.

⚽️ حكم إقامة دوري لكرة القدم من الاشتراكات المالية للفرق:

لا يجوز الرهان والقمار في كرة القدم عند أكثر الفقهاء، وصورة ذلك أن يدفع كل فريق مبلغا ماليا معينا ثم يأخذ الفائز ذلك المبلغ المجموع، أو يشترون له به جائزة معينة، فهذا من القمار المحرم؛ وذلك أن كل فريق دفع ما دفع ليكون بعد ذلك إما غانما وإما غارما، وهذه صورة القمار، ويمكن المخرج من هذا الأمر بإحدى طريقتين جائزتين:

1⃣ أن تتولى جهة أخرى خارجية غير مشاركة في التنافس دفع جائزة الفريق الفائز.

2⃣ أن يجعلوا معهم محللا، وذلك بأن تُعفى إحدى الفرق من دفع الاشتراك (ويسمى بالمحلّل)، ويمكن اختيار هذا الفريق عن طريق القرعة، فهذه الصورة جائزة عند جمهور الفقهاء.

⚽️ حكم تشجيع فريق رياضي غير مسلم:

لتشجيع الفرق الرياضية حالتان، إحداهما جائزة، والأخرى محرمة، وهذا بيانهما:

🟣 حالة الجواز:

وذلك بتشجيع فريق مسلم، أو تشجيع فريق غير مسلم يراه المشجع أنه الفريق الأكثر مهارة والأقدر على إحراز الأهداف، مع الابتعاد عن المحبة الدينية المحرمة للكافر، والسلامة من التعصب والغلو، والابتعاد عن المحاذير الشرعية التي سيأتي ذكرها في الفقرة التالية، فمثل هذا جائز، وهو داخل في أصل الإباحة الشرعي.

🟣 حالة التحريم:

وذلك إذا اقترن التشجيع بإحدى المحاذير الشرعية التالية:

1⃣ أن يحمله التشجيع للفريق الكافر إلى بذل المحبة الدينية له، بحيث يبذل له الودّ والحب والنصرة التي يبذل مثلها لإخوانه المسلمين، ويدخل في ذلك محبة ثقافته أو ديانته أو منهجه، ففي هذه الحالة يصير التشجيع حراما، بل منكرا عظيما يستهدف اعتقاد المسلم ودينه.

2⃣ الغلو والمبالغة، بحيث يخاصم من أجل فريقه الذي يشجعه، ويعادي من أجله، ويبني علاقاته مع الناس على أساس هذا الأمر، فهذا الفعل حرام، وهو دليل ضعف العقل، وفساد البصيرة.

3⃣ الإفراط في المشاعر والوقوع فيما يخرم المروءة؛ كأن يبكي عند خسارة فريقه، أو يقفز كالمجنون ويبالغ في الصراخ عند فوزه، فكل هذا لا يجوز، ومن كان لا يملك التحكم في أعصابه وعواطفه حرم عليه التشجيع والمتابعة أساسا.

4⃣ إذا بلغ به التشجيع حدّ الهَوَس والتعلّق المذموم، بحيث يأخذ منه غالب وقته، ويكون شغله الشاغل في أغلب أحيانه، ويحمله ذلك على تعليق صور الفريق أو اللاعبين في ملابسه، أو جواله، أو مكان سكنه، فكل هذا لا يجوز، فإذا كان الفريق أو اللاعب الذي يقوم بهذا من أجله كافرا كان المنكر أكبر.

5⃣ الإفراط والإسراف في هذا الهواية، بحيث يقوم المشجع بمتابعة أخبار فريقه الشخصية التي لا تعلق لها بكرة القدم، فيتابع معلوماتهم الشخصية، وتفاصيل حياتهم، وتنقلاتهم، وأخبارهم، وعلاقاتهم، والأشياء التي يحبونها ... إلخ، فمثل هذا الفعل محرم، فإن كان الفريق كافرا كان التحريم آكد، لكونه يفضي إلى اختلال وضعف عقيدة الولاء والبراء عند المسلم.

6⃣ أن يشجع فريقا يتبنى ويجاهر بتأييد قضايا تمس الدين، أو الفطرة، أو قضايا المسلمين الكبرى، كما لو كان هذا الفريق يقف مع العدو الصهيوني ويدعم مواقفه، أو كان يحرّض على الإسلام والمسلمين، أو يتبنّى حقوق الشواذ والمثليين، فلا يجوز تشجيع هذا الفريق بحال؛ فإن هذا من نصرة الباطل وأهله، ومن التعاون على الإثم والعدوان.

⚽️ ممارسات تجعل من كرة القدم لعبة محرمة:

كرة القدم في حقيقتها إنما هي مجرد لعبة تعتني برياضة الجسم، والترفيه عنه، وتشغل جزءا من وقت الفراغ، وأي غلوّ يخرج بها عن هذا الحدّ يدخل في دائرة الحرام، مثال ذلك:

1⃣ رصد الدول للميزانيات الضخمة من أجلها، مع وجود مجالات أهم منها تفتقر لهذه الأموال، مثل مجالات التعليم، والدعوة، والصحة، والبنى التحتية، ودعم المواد الأساسية، ونحو ذلك.

2⃣ دفع مرتبات ضخمة للاعبين تعادل أضعاف ما يأخذه غيرهم من العلماء والمفكرين والأطباء ونحوهم، فهذا من السّفة، والعبث بمقدرات الأمة، ومن ذا الذي سيتخصص في المجالات الضرورية للأمة وهو يرى هذا العطايا تنهال على اللاعبين؟!

3⃣ شراء اللاعبين الماهرين بمبالغ ضخمة وبأرقام فلكية، وهذا من العبث وإضاعة أموال الأمة في أمور أقل ما يقال عنها إنها عادية، ولا تعود عليها بالنفع.

4⃣ اختلال ميزان الأولويات كالاشتغال بإنشاء المرفقات الرياضية والنوادي بميزانيات ضخمة مع التقصير في المرفقات الأساسية والضرورية المتعلقة بالتعليم والصحة والخدمات الحيوية، وكإنفاق بعض الدول الإسلامية الغنية المليارات التي هي في الأصل أموال الأمة من أجل كرة القدم مع كون كثير من بلاد المسلمين تجتاحها المجاعات والحروب، ويعصف بها الفقر والعوز.

5⃣ تزييف وعي الأمة وصرفها عن أهدافها الكبرى بتصوير الفوز بكرة القدم أنه منتهى المطلوب، وأنه المفتاح لحلحة مشاكل الأمة، وأنه غايةٌ تهون من أجلها كل التضحيات، وهذا بلا شك تدمير للأمة ولمقومات قوتها، وتصغير لهمم شباب المسلمين، وإغراقهم في التفاهات والصغائر.

🛑 والخلاصة أن كرة القدم مجرد لعبة وترفيه عن النفس، وهي داخلة في دائرة الحلال إن بقيت في هذا الإطار، ومحاولة تضخيمها، والغلو فيها إنما هو مظهر من مظاهر ضعف أمتنا، وضياع بوصلتها ومشروعها، واستحكام ظواهر التفاهة فيها، وتدخل بذلك في دائرة الحرام والمنكر الذي يستدعي الوقوف عنده، والسعي لانتشال أمتنا وشبابنا منه.

🌷 أقول هذا حبّا ونصحا لله ولإخواني المسلمين والشباب، وإن كنت أعلم أنه قد يزعج بعضهم، والله من وراء القصد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة قناة فتاوى د. يوسف الرخمي على (تليجرام): افتح الرابط ثم اضغط اشتراك

http://t.me/alrkhme

x