مسجد (الهند كوتشينغ) في مدينة كوتشينغ بماليزيا.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في شارع الهند بمدينة كوتشينغ الجميلة والتي تقع على ضفتي نهر سرواك بشرق ماليزيا، وهي عاصمة ولاية سارواك الواقعة في جزيرة بورنيو بمملكة ماليزيا.
وهو من المساجد العائمة التي تشتهر باحتضانها ماليزيا وإندونيسيا، لكنه المسجد الوحيد الذي يعوم في هذه المدينة؛ حيث يطفو فوق مياه نهر سارواك ويتصل باليابسة عبر جسر عريض حتى تنساب حركة الداخلين إليه والخارجين منه.
قام ببنائه عدد من المسلمين الذين ينحدرون من أصول هندية والذين يكثرون في هذه المدينة، وتبلغ نسبتهم في عموم ماليزيا حوالي ١٥% من إجمالي سكانها، وهم يدمجون في حياتهم بين ما جلبوه معهم من الهند من تراث وما وجدوه في البلد الذي استوطنوه هنا، ومن ذلك ما يتعلق بالهندسة المعمارية.
تم استيحاء تصميم هذا المسجد من أحد الأنماط المعمارية الشهيرة في منطقة الشرق الأوسط والبلاد العربية بشكل خاص، ويبدو شبيها إلى حد ما بالمسجد العائم في مدينة جدة السعودية والذي أوردناه ضمن هذه السلسلة.
يرتفع الهيكل الكبير للمسجد على قوائم تم زرعها بإحكام في قاع النهر، حتى يبدو كأنه حاملة طائرات، ويزدان بقبتين مبهرتين في تصميمهما المميز ولونهما السماوي الجميل ونوافذهما الأنيقة، ويبدو أن القبة الكبيرة تسقف مصلى الرجال بينما تسقف القبة الصغيرة مصلى النساء.
وبين القبتين اللازورديتين تشق مئذنة أنيقة طريقها نحو آفاق السماء بعلو شاهق، حيث تمتلك خمس شرفات، لكن حجمها يصغر بعد كل شرفة بصورة واضحة!
ومن المؤكد أن المسجد تحفة معمارية بما يملك في ذاته من مقومات الجمال وبما يحيط به من مفردات جمالية فاتنة؛ ولهذا فإنه من المحطات الأساسية في خارطة السياحة الدينية في ماليزيا الرائعة، حيث تقصده أعداد كبيرة كل عام من الزوار والسواح، ويبدو أن أفضل وقت لزيارته والاستمتاع بجماله المزدوج هو عند غروب الشمس، حيث تسيل أشعة الشمس كأنها شلال ذهبي يتصبب من السماء!
المسجد غني بجمالياته المادية وهي الزخارف والنقوش وجمالياته المعنوية وهي الوظائف التعليمية والاجتماعية التي يقوم بها وسط المسلمين للارتقاء بهم عقليا وقلبيا وسلوكيا، ولا سيما أن البوذية والهندوسية اللتين يدين بهما حوالي ٤٠% من سكان ماليزيا، تحاولان مزاحمة الإسلام في هذا البلد بسبب فاعلية أبنائها!