مسجد (المنارتين) في مدينة الريان بدولة قطر.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في المدينة الثانية في قطر وهي مدينة الريان التي تقع جنوب غرب الدوحة، وتوجد فيها المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر، حيث تزيد مساحتها عن ١٢كم٢، وتوجد فيها فروع لعدد من الجامعات العالمية وأكبر مكتبة في قطر، وتحتضن ٦٧ ألف طالب أتوا من ٨٠ جنسية حول العالم.
والمسجد هو أحد مؤسسات هذه المدينة التعليمية، ويتمدد على مساحة تصل إلى ٣٥ ألف م٢، وقد تم افتتاحه سنة ٢٠١٤م، ويهدف إلى إبراز رسالة المسجد في الإسلام كما جسدها المسلمون الأوائل في العصر الذهبي، حيث الجمع بين التعبد والتعلم تحت سقف الانقياد لأوامر الله والانسلاك في منظومة طاعته الشاملة، ومن أجل تأكيد هذا المعنى فقد تم الإتيان بكلية الدراسات الإسلامية التابعة لجامعة حمد بن خليفة إلى رحاب هذا المبنى الرائع!
قام بتصميم المبنى المعماريان علي منجيرا وادا يفارز، وارتكز التصميم على فكرة الجمع بين مفهومي الاستنارة الروحية والتنور العلمي، وحاولا تجسيد هذين الأمرين عبر تكوين كتل المبنى المختلفة بحيث ينتهيان بالارتقاء إلى السماء باتجاه القبلة التي تشير إليها مئذنتا المسجد، ويبدو أن ذلك تحقق إلى حد كبير وإن كانت جرعة الحداثة في التصميم قد زادت عن الحد الأنسب كما يبدو لي!
ينهض الهيكل العجيب للمسجد على ٥ أعمدة تمثل أركان الإسلام الخمسة، وكتبت عليها آيات بالرسم العثماني لتُذكّر المسلمين بهذه الأركان الخمسة!
وعندما تكون في طريقك لولوج قاعة الصلاة فإنك تسمع شلالات الماء تتساقط وتسمع خريره وهو يسير في ٤ مسارب؛ من أجل أن تتذكر أنهار الجنة التي تتدفق بأربعة أنواع من السوائل وهي: الماء واللبن والعسل والخمر !
ويتميز المسجد بمنارتين شاهقتين يبلغ ارتفاعهما ٩٠م وهو ما يوازي عمارة مكونة من ٢٣ طابقا، وتم تصميمهما بطريقة جعلتهما مائلتين نحو الكعبة، بحيث يستطيع الناظر لهما على بعد ٥ كم في كل الاتجاهات أن يعرف من خلالهما القبلة!
يتسع المسجد لبضعة آلاف من المصلين داخل القاعات المسقوفة وفي الساحات المجاورة، وتتسع القاعة الرئيسية وحدها لأكثر من ١٥٠٠ مصل ويستوعب مصلى النساء أكثر من ٣٠٠ امرأة، وتتسم القاعة الرئيسية بالفرادة في تصميمها وديكوراتها، حيث تمتد من غير أعمدة، ويغلب عليها اللون الأبيض الذي تتخلله خطوط وأشكال هندسية جذابة، ويحتوي السقف على زخارف تشبه أشكال النجوم، ولارتفاع السقف فإنه يخيل للناظر كأنه يرى نجوم السماء!
ويمتلك المسجد فناء واسعا، تم تخصيص جزء منه كحدائق لزراعة جميع النباتات المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية وعددها يصل إلى ٥٩ نباتا!
