أول رئيس مخابرات في عهد الدولة الإسلامية، وقائد العمليات الخاصة في عهد النبي ثم عهد الشيخين الصديق والفاروق.
حارس النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان لا يفارقه، حتى قالوا عنه: أينما تجد ناقة النبي، تجد محمد بن مسلمة.
محمد بن مسلمة ابن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة . أبو عبد الله - وقيل : أبو عبد الرحمن ، وأبو سعيد- الأنصاري الأوسي .
وُلد قبل البعثة بـ 22 سنة، وكان ممن سُميَ في الجاهلية محمدا، فقد كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكُهّان أن نبيًا سيُبعث من العرب اسمه “محمّد” فكانوا يسمّون أبناءهم بـ اسم “محمد” طمعًا في النبوة.
*️⃣ بداية المهمات الخاصة التي قام بها القائد محمد بن مسلمة، هو القضاء على أكبر محرض على المسلمين كعب بن الأشرف.
كان الشاعر “كعب بن الأشرف” قائدًا وزعيمًا من زعماء بني النضير، وقد قاد حربًا ضروسًا ضد المسلمين، وكثيرًا ما صرَّح بسبِّ الله وسبِّ الرسول الكريم ، وقد أنشد الأشعار في هجاء نساء المسلمين والصحابة ، ولم يكتفِ بهذا الأمر، بل ذهب ليؤلِّب القبائل على الدولة الإسلامية، وذهب أيضًا إلى مكة المكرمة، وألّب قريشًا على المسلمين، وبدأ يذكِّرهم ويتذاكر معهم قتلاهم في بدر، بل فعل ما هو أشد من ذلك وأنكى – وهو كما نعرف من اليهود ويعلم أن الرسول مُرسَل من رب العالمين – فعندما سأله القرشيون وهم يعبدون الأصنام، قالوا له: “أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه؟ وأيُّ الفريقين أهدى سبيلاً؟”، فقال الكافر: “أنتم أهدى منهم سبيلاً”.
وفي ذلك أنزل الله:
✨{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} [النساء: 51].
ليتحول بذلك إلى عدو للدولة الإسلامية في المدينة، عندها جاء القرار السياسي بقول الرسول: من لكعب بن الأشرف؟ فإنه آذى الله ورسوله.
قال محمد بن مسلمة : أنا له يا رسول الله، وما هي إلا أيام، حتى انطلق في عملية فدائية إلى عقر دار العدو، ليرجع حاملاً رأس كعب بن الأشرف.
بعد فشل الأحزاب، ورحيلهم عن حصار المدينة المنورة، وجّه رسول ألله السرايا الإسلامية لعقاب الذين شاركوا في حصار المسلمين، وكانت أولى هذه الحملات هي سرية “محمد بن مسلمة” رضي الله عنه إلى منطقة تعرف بالقرطاء على بُعد أكثر من 300 كيلومتر من المدينة المنورة، وكانت هذه السرية موجّهة إلى بطن بني بكر بن كلاب، من قبائل نجد التي اشتركت في حصار المدينة في غزوة الأحزاب.
وكانت السرية تضم 30 فارسا، وقد ألقى الله عز وجل بهم الرعب في قلوب بني بكر، ففروا وتفرقوا في الصحراء، وقتل منهم عشرة، وساق ابن مسلمة وسريته عددا كبيرا من الإبل والشاء بلغ 150 من الإبل، و3 آلاف من الشاء، وزادت هيبة المسلمين، وارتفعت معنوياتهم، ولم تكن هذه السرية أولى السرايا التي قادها محمد بن مسلمة، ولا كانت آخرها، فقد بعثه صلى الله عليه وسلم على رأس 15 سرية.
كان “محمد بن مسلمة” دائما في مقدمة الصفوف المقاتلة المجاهدة، وعندما كان قائدا لقوات الاستطلاع الإسلامية على مقربة من مكة، قبيل توقيع صلح الحديبية بين المسلمين ومشركي قريش في العام السادس للهجرة، وكانت قريش قد بدأت تفكر جديا في الصلح، فأرادت مجموعة من شباب قريش أن يقطعوا كل طريق للصلح، وعملوا على فرض القتال على المسلمين وعلى قريش، فقامت هذه المجموعة وهم حوالي 50 من المشركين بالتسلل لمعسكر المسلمين ليلا، وكان “محمد بن مسلمة” ومجموعته في انتظارهم، فاعتقلهم جميعا، وساق الصيد الثمين إلى رسول الله بعد أن أمكن الله منهم، فأمر صلى الله عليه وسلم بإطلاقهم تأكيدا لنيته في الصلح،
ونزل في ذلك قوله تعالى:
✨(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) الفتح: 24
ولما دخل النبي – صلى الله عليه وسلم – مكة، وطاف بالكعبة، كان “مُحمّد بن مَسْلَمة” رضي الله عنه، هو الذي يمسك بزمام ناقة النبي.
وشارك محمد بن سلمة النبي صلى الله عليه وسلم، في كل الغزوات إلا في غزوة تبوك، عندما أوكله رسول الله صلى الله عليه وسلم قيادة جبهة المدينة في غيابه.
أما في عهد أبي بكر، فقد كان محمد بن مسلمة قائداً من قادة الجيوش الإسلامية لمحاربة المرتدين.
وفي عهد عمر بن الخطاب، وعندما طال حصار المسلمين لمصر. بعثه الفاروق على رأس كتيبة فدائية، تضم من بين رجالها الرجل الأسطورة الزبير بن العوام، لتستطيع هذه الوحدة الفدائية، فمجرد وصولها إلى مصر من تحقيق النصر.
أما الفاروق، فقد عين محمد بن مسلمة، بمنصب المفتش العام، على ولاة الإمبراطورية الإسلامية.
ليدور بين الولايات الإسلامية ويضمن تطبيق ولاتها لأحكام الشريعة، وحكمهم بالعدل بين رعيتهم.
مات رضي الله عنه سنة 43 هـ ، بالمدينة المنوّرة التي لم يستوطن غيرها، وَصلَّى عليه مروان بن الحكم (أمير المدينة في العهد الأموي).. وترك من الولد 10 ذكور و6 بنات.