مسجد (مدينة باي) في مدينة باي بجمهورية السنغال.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد العجيب في بلدة باي التابعة لمدينة كولاك التي تقع في شمال السنغال بالقرب من الحدود مع موريتانبا، وهي بلدة تغلب عليها النزعة الصوفية، وقد أوجدت فيها الطريقة التيجانية الأحمدية مجمعاً سمته المدينة المنورة!
وأطلقت هذه الطريقة على شيخها في هذه المدينة لقب (الخليفة العام للمدينة المنورة) وهو الشيخ ماهي إبراهيم نياس، وهذا المسجد هو المسجد الكبير في المدينة المنورة!
تم افتتاح المبنى الأصلي لهذا المسجد في مدينة باي في ٢٥ فبراير عام ١٩٣٨م، وتعرض لتطويرات عديدة حتى أصبح بهذه الصورة الجميلة!
ويبدو أن التنافس الشديد بين الطرق الصوفية في السنغال مسؤول عن إنتاج هذه الهياكل الضخمة من المساجد العملاقة التي تحيط بها منازل المشائخ والمريدين، كما رأينا من قبل في مسجد طوبى ومسجد مسالك الجنان التابعين للطريقة المريدية واللذين تحيط بهما أعداد كبيرة من مساكن المريدين!
تم في تصميم هذا المسجد اتباع النمط المعماري السائد في غرب إفريقيا، من حيث بناء هيكل كبير، تنبثق من أركانه الأربعة أربع مآذن عملاقة من حيث سمكها وارتفاعها، ويتميز هذا المسجد بارتفاع مئذنتي الواجهة أكثر من المئذنتين الأخريين، وفي القمة تتسع المآذن لتصبح بحجم غرفة كبيرة جدا بل بحجم مسجد من المساجد الصغيرة؛ حيث تنفتح في كل واحدة منها عدد من النوافذ ذوات الزجاج المتعدد الألوان، ومن خلالها يمكن معرفة كل ما يجري في شوارع هذه المدينة فضلا عن الإحاطة بالمسجد والمباني التابعة له، وهي: المدرسة التي يتعلم فيها الطلاب قراءة القرآن، وزاوية لممارسة الأذكار والطقوس التيجانية، ومساكن للمشائخ وأبرز المريدين، بجانب مطابخ ومطاعم ومكاتب إدارية ودورات مياه!
وتقع القبة في القلب تماما من سطح المسجد، وهي كبيرة في ارتفاعها وفي عرضها (القطر)، من أجل أن تتناسب مع الحجم الكبير للمسجد ومآذنه الشاهقة، وتم طلاؤها باللون الأخضر محاكةً لقبة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة!
ورغم انفصال المآذن العملاقة عن هيكل المسجد وأنها لا تشكل عليه أي عبئ؛ فإن المسجد يقوم على مئات الأعمدة الاسطوانية التي تعلوها أقواس مزينة؛ حيث تزخر بأشكال جذابة من فنون النحت والنقش والزخرفة!
ويمتلك المسجد ساحة واسعة جدا؛ من أجل أن يستطيع استيعاب عشرات الآلاف من الزوار في المناسبات الدينية، ولا سيما المولد النبوي الذي يتحول إلى مهرجان احتفائي كبير بطقوسه المميزة، مع اختلاط المشروع والمعقول بالطبع بغير المشروع ولا المعقول، رغم تأكيد مشائخ الطريقة على سنية طريقتهم!