مسجد (سليمان) أو المسجد السليماني في مدينة رودس بجمهورية اليونان.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في قلب مدينة رودس الثاوية في جزيرة تحمل نفس الاسم وتقبع في البحر المتوسط بمحاذاة الشواطئ اليونانية. وقد سُمي بهذا الاسم تخليدا لذكرى الفتح لها، ويقال بأن السلطان سليمان القانوني الذي فتح هذه الجزيرة، هو من أطلق عليه هذا الاسم!
بني المسجد سنة ١٥٢٢م في نفس الوقت الذي تم فيه فتح جزيرة رودس، وبالطبع فإنه أول مسجد يبنى في هذه الجزيرة، وقد تعرض المسجد بعد حوالي ثلاثة قرون لتأثيرات الزمن الطبيعية، فأعيد بناؤه من قبل العثمانيين في عام ١٨٠٨م.
وقد بنيت بعد هذا المسجد عدة مساجد في الجزيرة لكنه صار الوحيد الذي يصلى فيه بعد أن دُمر بعضها وحول بعضها إلى مصالح حكومية أو إلى اصطبلات للحيوانات، كما حدث في اليونان كلها!
يشمخ المسجد بمئذنة قلمية عالية، ويبلغ ارتفاعها ٣٤.٥م، حيث تتم رؤيتها من أماكن بعيدة، ومن خلال شرفتيها الجميلتين يمكن رؤية أماكن واسعة من هذه المدينة والجزيرة، وقد ظلت بصمودها وشموخها شاهدة على ما حدث للمسلمين من انتهاكات بعد ضعف الدولة العثمانية الذي أعقبه سقوطها!
وتم تزيين سطح المسجد بعدد من القباب وأنصاف القباب العثمانية المشهورة بجمالها الأخاذ، والتي أظهرت المبنى في صورة هيكل مرتفع وذي جمال آسر!
وتذكر بعض المصادر التأريخية في الغرب بأن أغلب مبنى المسجد قد أعيد بناؤه باستعمال مواد المباني التي كانت موجودة في نفس المكان في الفترة السابقة، وقد أعطت (Europa Nostra) هذا المسجد امتيازا فخريا في عام ٢٠٠٦م.
وتشير التقديرات إلى أن عدد المساجد التاريخية التي جرى تشييدها في اليونان خلال العهد العثماني، تزيد عن ١٠ آلاف مسجد وتكية، ولا تزال بعضها قائمة إلى اليوم وتتركز في إقليم تراقيا الغربية المحاذي لتركيا والذي توجد فيه أقلية تركية كبيرة تمتلك أكثر من ٣٠٠ مسجد، بينما ظلت العاصمة أثينا خالية من أي مسجد حتى ما قبل سنتين فقط، حينما استجابت الحكومة اليونانية للمطالب والضغوط، لكنها هي من قامت ببناء المسجد، حتى تبنيه على النمط الذي تريده وبالحجم الذي تحدده!
يتكون المسجد من طابقين، لكن ارتفاع هيكله وموقعه المرتفع، جعلاه يبدو مرتفعا وكأنه يقوم بدور القوامة والشهادة على هذه المدينة الآبقة!
