عقلانية القرآن وجهالات التقليديين. مقال للمفكر الإسلامي الدكتور فؤاد البنا

عقلانية القرآن وجهالات التقليديين. مقال للمفكر الإسلامي الدكتور فؤاد البنا



عقلانية القرآن وجهالات التقليديين!

أ.د.فؤاد البنا

اشتمل القرآن على أكثر من ١٠٠٠ آية تتحدث عن العلم والعقل والنظر والفقه والسير في الأرض، وتحث على التفكر والتدبر والتبصر، وتستحث الناس في تعاملهم مع بعضهم على التسلح بالحجج والبينات والبراهين، وبالسنن والأسباب والوسائل في تعاملهم مع الطبيعة، وما فتئت تُبرز القوانين المنطقية والسنن الاجتماعية والنواميس الكونية، وتشيد بشرف العقلاء وأولي النهى والألباب، وتقدم نماذج راقية للتفكير العقلاني والإيمان البرهاني والسير المبصر في مناكب الأرض، وتندد بأهل الأماني والأوهام وتشن الغارة على ذوي التفكير الخرافي والمنهج التبريري، وعلى المتوشحين بالجهالات والظنون والخيالات، وتفضخ المتشيعين للأشخاص على حساب الأفكار وتحاصر الموتى في قبور التقليد الأعمى للآباء والقطيع الاجتماعي !

ورغم هذا كله فقد ذهب التقليديون من متديني المسلمين إلى إدخال العقل في قفص الاتهام، وجعلوا التفكير رجسا من عمل الشيطان، واعتبروا العقلانية تهمة غليظة يستحق صاحبها التسفيه والتفسيق وربما التكفير!

وعندما واجه الحكماءُ والعقلاء هؤلاء بفيض من الآيات المشار إليها آنفا، وعددها يقترب من سُدس آيات القرآن؛ زعم هؤلاء التقليديون نسخ بعضها، وأوّلوا بعضها بما يلغي وظيفة العقل تماما، وروجوا للمنهج التقليدي الذي تم إنتاجه في عصور التخلف والظلام، وأعادوا إنتاج بعض المقولات التي أطلقها بعض السلف في سياقات ظرفية خاصة، لتصبح أدوات للنيل من عقلانية الإسلام وكأنها مطلقة بل وحاكمة على القرآن الكريم!

x