مسجد (محمد السادس) في مدينة الفنيدق بالمملكة المغربية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد على شاطئ مدينة الفنيدق التي تقع في أقصى شمال المغرب عند باب مدينة سبتة المغربية المحتلة من قبل الإسبان حتى الآن، وتقابل في الضفة الشمالية جبل طارق بن زياد الذي ما تزال تحتله بريطانيا رغم وجوده على شواطئ إسبانيا!
وقد شيد هذا المعلم الديني الجميل من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، بكلفة بلغت حوالي ٧٠ مليون درهم، وقام الملك المغربي بافتتاحه رسميا في عام ٢٠١١م.
تمتاز مساجد المغرب بضخامة هياكلها ومآذنها وفخامة نقوشها وزخارفها، وهذا المسجد واحد منها؛ فهو يتمدد على مساحة كبيرة تبلغ ٩٤٠٠م٢، ويتكون من طابقين يتضمنان قاعة للصلاة خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء تتسعان لخمسة آلاف مصلّ، وسكنا للإمام، وثمانية محلات تجارية يعود ريعها لصالح المسجد، ومكاتب إدارية ودورات مياه نظيفة. ويمتلك مرآبا تحت مبنى المسجد يتسع ل١٢٦ سيارة.
ومن الواضح جدا أن المسجد تحفة معمارية متميزة تقابل جبل طارق وتطل على المضيق، وأن تصميمه وتشييده قد تم وفقا للهندسة المعمارية المغربية الأصيلة التي تمتلك الكثير من القواسم المشتركة مع المعمار الأندلسي الذي يعد من أجمل ما وصلت إليه الخبرات الحضارية للبشر من تطور وجمال فتان!
وقد تم تصميم هيكل المسجد بطريقة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وترتفع في سماء المضيق منارة شاهقة ذات جمال خلاب، وتتوزع خمس قباب في سقف المسجد وقد تم تصميمها بطريقة هندسية مبتكرة لا تنقصها الروعة مع طلائها هي وحواف الهيكل العام للمسجد بلون فيروزي أزرق؛ مما جعله أكثر قدرة على التماهي مع المكان الذي انزرع فيه بين زرقة البحر وزرقة السماء!
ويزداد جمال المسجد بالأعمدة المقوسة التي تزين هيكله الخارجي ومبناه الداخلي، مع تألقه بالنقوش والزخارف الإسلامية التي يتقن المغاربة نسجها بطريقة متفردة، وبالأشجار والأزهار التي يزدهي بها فناء المسجد بطريقة فنية منسقة تبعث البهجة في النفوس المتعبة وتوقظ الحس الجمالي الثاوي في الجوانح التي ملأتها الهموم والغموم!