مسجد (التين) في منطقة تامان ميني بجمهورية إندونيسيا.
أ.د.فؤاد البنا
يقع مسجد التين في منطقة ذات طبيعة خلابة ضمن ضاحية من ضواحي العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وتسمى تامان ميني، وقد أمر ببنائه الرئيس الإندونيسي الأسبق سوهارتو تكريما لزوجته الراحلة تيان سوهارتو، وبدأ العمل بتشييده في أبريل سنة ١٩٩٧ وافتتح أمام المصلين والزوار في نوفمبر سنة ١٩٩٩م.
ويبدو لي أن الرئيس سماه باسم التين حتى يدمج بين اسم زوجته تيان وبين اسم سورة التين في صورة من صور مغازلة الوجدان الديني عند مسلمي إندونيسيا الذين يمثلون غالبية الشعب الإندونيسي، ومن هنا فقد وجدنا من يسميه بمسجد سورة التين بالفعل!
يعد هذا المسجد من المساجد الكبيرة في هذه المنطقة؛ إذ يستوطن مساحة إجمالية تصل إلى ٧٠ ألف م٢، ويتكون من دورين يتسعان لحوالي ٩ ألف مصل، هذا بجانب الأقسام التي تؤدي وظائف بجانب إقامة الصلاة؛ حيث يتبنى المسجد العديد من الأنشطة التعليمية والاجتاعية مثل حلقات تحفيظ القرآن وتعليم مبادئ الإسلام وأركان الإيمان وأساسيات الفقه الشافعي الذي يسود وسط المسلمين هنا، ويقدم أيضا خدمات عقد القران وإقامة حفلات الزواج، ثم إنه يستقبل غير المسلمين الراغبين بالتعرف على طبيعة الدين الإسلامي السمحة وخصائصه المتميزة.
وبجانب ذلك يعتبر معلما سياحيا بارزا يحرص مئات الآلاف من الناس على زيارته كل عام؛ نتيجة ما يمتلك من مقومات جمالية تثوي في ذاته وتبرز في محيطه الطبيعي الذي انغرس فيه بكل أناقة!
فهو تحفة معمارية باذخة الجمال؛ بمآذنه المتوسطة التي تزين أركانه الأربعة ومئذنته الكبيرة التي تنفصل عن المبنى، وبقبته الضخمة التي تمثل قلب المسجد وتتميز بتصميمها المختلف ولونها غير التقليدي، وببواباته الثلاث التي تزرع في قلوب الداخلين مشاعر الارتياع من جلال الله والالتياع بجمال بيوته؛ نتيجة ما تكتنزه من جمال وما تشعه من هيبة!
ويصبح جمال المسجد فاتناً أكثر حينما ينظر إليه المرء في أحضان الطبيعة الساحرة، وقد أحاطته حدائق واسعة تفنن مصمموها في استثارة الوجدان بتدخلهم الجميل في تنظيم الأشجار والأزهار وتنسيق النباتات والحشائش بصورة مبهرة!