مسجد (آق) أو (المسجد الأبيض) في مدينة بولغار بجمهورية روسيا الاتحادية.
أ.د.فؤاد البنا
ويسمى مسجد بولغار نسبة للمدينة التي يوجد
فيها، وهي واحدة من مدن جمهورية تتارستان ذات الحكم الذاتي ضمن الاتحاد الروسي، ويؤكد بعضهم أن هذا المسجد هو الوحيد ذو اللون الأبيض بالكامل في روسيا، ولا شك بأنه من أجمل المساجد في هذه الدولة التي تفوق قارة أوروبا في مساحتها، وتوجد فيها عدد من الشعوب الإسلامية، ونظرا لتعطش المسلمين للقرآن بعد عقود طويلة من الإلحاد وتجريم اقتناء مصحف، فقد أصبح هذا المسجد أشهر مكان لتلاوة القرآن الكريم في العالم؛ إذ لا تتوقف تلاوة القرآن يوميا من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء، ويتم بث التلاوة عبر بث حي في الإنترنت!
افتتح هذا المسجد في عام ٢٠١٢م بعد أكثر من عام ونصف من التشييد الدائب والعمل الجاد من قبل مئات من العمال المحترفين.
يتكون هذا المبنى الكبير من مسجد ترتفع فوقه قبة ومئذنتان سامقتان في الآفاق، وبجانبيه يمتد رواقان يحملهما ٨٨ عمودا، ويتشكل أمام المسجد صرح مكشوف يتكون من ١٨٠٠م٢، ويحيط بالصرح مبنيان كبيران عن يمين المسجد وشماله، ولكل مبنى منهما قبة تشبه قبة المسجد لكنها أصغر حجما، أحدهما يمثل مدرسة لتعليم القرآن وعلوم الشريعة، والآخر سكن للمفتي ومكاتب إدارية وبعض التوابع الخاصة بالمسجد ودوره الثقافي.
للمسجد مئذنتان شامختان في علياء السماء؛ إذ يبلغ ارتفاع كل واحدة منهما ٤٦.٦م، وقد امتزج في تصميمهما الطابع المحلي بالطابع العربي، وبين المئذنتين تثوي قبة بصلية جميلة يبلغ قطرها ١٠م، أما ارتفاعها داخل المسجد فيزيد عن ١٧م.
يعد المسجد الأبيض تحفة معمارية بالغة الجمال، وقد حاول مصمموه أن يطابق بناؤه ما قرؤوه عن الشكل القديم للمسجد الذي تم تدميره في القرن الخامس عشر من قبل الروس.
بني المسجد من الخرسانة المسلحة وتم تلبيسه برخام ممتاز ذي لون أبيض، وتم تزيين جدرانه ومحرابه ومنبره بزخارف تقليدية من قبل عمال ماهرين، ويحتضن داخله أكبر مصحف قرآني في العالم، وهو كتاب مرصع بالأحجار الكريمة ويزن ٨٠٠ كجم، ويحتاج إلى ١٦ شخصًا لرفعه!
وبعد ذلك كله فإن المسجد يزدان وسط بساتين خضراء تتوسطها نافورة مياه جميلة وتثير الماء من داخل بركة كبيرة صممت على شكل نجمة ثمانية!
ونظرا لجمال المسجد الأخّاذ فإن أهالي المدينة يطلقون عليه "كازان تاج محل" تشبيهاً له بتاج محل في الهند الذي يعد أجمل مبنى في العالم ويدخل ضمن عجائب الدنيا السبع، بل وأدخلته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي!
مما يجدر ذكره أن هذه المنطقة الروسية التي تطل على نهر الفولجا يسكنها مسلمون من أصول بلغارية، مجاورين لشعوب إسلامية أخرى وعلى رأسها التتار الذين هم أكبر الشعوب المسلمة في روسيا.