مسجد (سلطان أيوب) في مدينة باماكو عاصمة جمهورية مالي.
أ.د.فؤاد البنا
سمي بهذا الاسم نسبة للصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري الذي يوجد مسجده وقبره في مدينة اسطنبول، ويعد أكبر المساجد التركية في جمهورية مالي التي تقع في وسط إفريقيا، وهو أول مسجد يبنى فيها على النمط العثماني المشهور بجاذبيته الداخلية والخارجية. وتولت بناؤه الشؤون الدينية التركية بالتنسيق مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مالي، وبلغت تكلفة البناء ٤ مليون دولار دفعها وقف الديانة التركي.
تم افتتاح المسجد في ديسمبر ٢٠١٣م في حفل كبير حضره الآلاف من المواطنين والمسؤولين وفي مقدمتهم رئيس وزراء مالي ورئيس الشؤون الدينية في تركيا الذي أمّ الناس في أول صلاة وألقى فيهم خطبة باللغة العربية؛ نظرا لأن كثيرين من مواطني مالي يعرفون العربية!
وتمتاز جمهورية مالي ولا سيما عاصمتها بامتلاك تراث متميز في مجال عمارة المساجد وبالذات المساجد الطينية، ويمثل هذا المسجد إضافة مختلفة توسع دائرة التنوع في هذا المضمار، فالمسجد يحمل سائر سمات المعمار العثماني من ارتفاع للمبنى عن الأرض بصورة كبيرة، وتناسق للألوان في الداخل والخارج، وغنى في النقوش والزخارف المتنوعة بما فيها الخطوط العربية الرائعة، مع استخدام للرخام بشكل مكثف في البناء ورصف الأرضيات بما فيها الفناء الواسع الذي تم رصفه بالرخام الأبيض.
يقوم هيكل المسجد على أعمدة اسطوانية ذات رؤوس مقوسة، وتنفتح من جدرانه نوافذ كبيرة ذات قمريات تشبه المعمار الصنعاني في اليمن، ويتكون السقف من عدد وفير من القباب وأنصاف القباب المتعددة الأحجام، وفي القمة تقف قبة عريضة ذات نوافذ واسعة لينساب من خلالها ضوء الشمس إلى الداخل كما تنساب أنوار المصلين نحو الخارج!
وفي آفاق السماء تشمخ مئذنة قلمية جميلة ذات شرفة واحدة، لتزيد المسجد جمالا ولتجذب الأنظار إليه من أرجاء المدينة البعيدة، وبالفعل فإن هذ المسجد أصبح مزارا للآلاف يوم الجمعة، حيث يزدحم بالمصلين الذين يحرصون على الجمع بين الحسنيين؛ إذ يقيمون فريضة الجمعة ليشبعوا أرواحهم لمدة أسبوع، ويشبعون أعينهم بمرأى الجمال المنساب والأناقة الثاوية في كل زاوية من زوايا هذا المسجد العثماني الجذاب!